مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٠
هنا عن المعتبرين أن الاكراه لا يحصل إلا بالتخويف بالقتل أو بما يخاف منه التلف كالقطع والضرب الشديد، وقيل يحصل بما يحصل به الاكراه على الطلاق اه‍. والأول هو الظاهر. ولو قال: اقتل هذا وإلا قتلت ولدك، قال في أصل الروضة في كتاب الطلاق: إنه ليس بإكراه على الأصح، ولكن قال الروياني: الصحيح عندي أنه إكراه، وهذا هو الظاهر لأن ولده كنفسه في الغالب. الثالث: لا يجوز للمكره الاقدام على القتل المحرم لذاته وإن لم نوجب عليه القصاص بل يأثم إذا قتل، وكذا لا يباح الزنا بالاكراه، ويباح به شرب الخمر والقذف والافطار في رمضان على القول بإبطال الصوم به، والخروج من صلاة الفرض، وإتلاف مال الغير وصيد الحرم. ويضمن كل من المكره والمكره والمال والصيد والقرار على المكره - بكسر الراء - لتعديه، وليس لمالك المال دفع المكره عن ماله بل يجب عليه إن بقي روحه بماله، ويجب على المكره أيضا إن بقي روحه بإتلافه كما قاله الغزالي في وسيطه ونقل ابن الرفعة الاتفاق عليه وللاتيان بما هو كفر قولا أو فعلا مع طمأنينة القلب بالايمان. وعلى هذا الأفضل أن يثبت، ولا يأتي بلفظة الكفر، وقيل: يأتي به صيانة لنفسه، وقيل: إن كان من العلماء المقتدى بهم فالأفضل الثبوت وإلا فلا. ويستثنى من إطلاق المصنف ما إذا كان المكره - بفتح الراء - أعجميا يرى طاعة كل أحد فإنه لو أمره بقتل كان القصاص على الآمر فقط. الرابع: قيد البغوي وجوب القصاص على المكره - بالفتح - بما إذا لم يظن أن الاكراه يبيح الاقدام، فإن ظن ذلك فلا قود عليه جزما. وهو ظاهر إن كان ممن يخفى عليه تحريم ذلك، إذ القصاص يسقط بالشبهة. (فإن وجبت الدية) في صورة الاكراه كأن عفا عن القصاص عليها، (وزعت) عليهما بالسوية كالشريكين في القتل، وللولي أن يقتص من أحدهما ويأخذ نصف الدية من الآخر. وهذا إذا كافأه، (فإن كافأه) بهمزة أي ساوى المقتول (أحدهما فقط) كأن كان المقتول ذميا أو عبدا وأحدهما كذلك والآخر مسلم أو حر، (فالقصاص عليه) أي المكافئ دون الآخر، بل عليه نصف الضمان لأنهما كالشريكين، وشريك غير المكافئ يقتص منه كشريك الأب. (ولو أكره بالغ) عاقل كما في المحرر (مراهقا) أو عكسه على قتل شخص فقتله، (فعلى البالغ القصاص) لوجود مقتضيه وهو القتل المحض العدوان، هذا (إن قلنا عمد الصبي عمد، وهو الأظهر) فإن قلنا خطأ فلا قصاص لأنه شريك مخطئ، ولا قصاص على الصبي بحال لعدم تكليفه.
تنبيه: محل الخلاف في عمد الصبي والمجنون هل هو عمد أو خطأ إذا كان لهما نوع تمييز وإلا فخطأ قطعا كما نقلاه عن القفال وغيره في الكلام على شريك المخطئ وأشار المصنف إلى ذلك بالتمثيل بالمراهق. (ولو أكره) بفتح الهمزة بخطه، مكلفا (على رمي شاخص علم المكره) بكسر الراء (أنه رجل وظنه المكره) بفتحها (صيدا) أو حجرا أو نحو ذلك فرماه فقتله، (فالأصح وجوب القصاص على المكره) بكسر الراء لأنه قتله قاصدا للقتل بما يقتل غالبا دون المكره - بفتحها - فإنه جاهل بالحال فكان كالآلة للمكره. والثاني: لا قصاص على المكره أيضا لأنه شريك مخطئ.
تنبيه: هل يجب على من ظن الصيد نصف دية مخففة على عاقلته أو لا؟ وجهان، رجع ابن المقري الثاني.
ويؤخذ من كلام الأنوار ترجيح الأول، وهو كما قال شيخنا الأوجه. (أو) أكرهه (على رمي صيد فأصاب) آدميا (رجلا) أو غيره فمات، (فلا قصاص على أحد) منهما لأنهما لم يتعمداه، ويجب على عاقلة كل منهما نصف الدية.
(أو) أكرهه (على صعود شجرة) أو على نزول بئر، (فزلق فمات فشبه عمد) لأنه لا يقصد به القتل غالبا. وقضية هذا وجوب الدية على عاقلة المكره - بكسر الراء - وهو ما جزم به في التهذيب، وهو الظاهر. قال الزركشي: لكن حكى
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548