مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٦٦
قطع من دونه، وهذا إذا حزه من الكف، فإن قطع الأصابع ثم قطع الكف هو أو غيره بعد الاندمال أو قبله وجبت الحكومة كما في النسخ مع السن. وأورد على المصنف ما لو كانت أصابع إحدى يديه وكفها أقصر من الأخرى فإنه لا يجب القصيرة نصف دية كاملة بل يجب نصف دية ناقصة حكومة كما نقلاه عن البغوي وأقراه. (فإن قطع من فوقه) أي الكف (فحكومة) تجب (أيضا) مع دية الكف ليس بتابع بخلاف الكف مع الأصابع فإنهما كالعضو الواحد بدليل قطعهما في السرقة بقوله تعالى: * (فاقطعوا أيديهما) *.
تنبيه: قال بعض المتأخرين: قد يجب في اليد ثلث الدية، وذلك فيما لو قطع إنسان يمين آخر حال صياله ثم يساره حال توليه عنه ثم رجليه حال صياله عليه ثانيا فمات بذلك فعليه ثلث الدية لليد اليسرى اه‍. وهذا ممنوع لأن الثلث إنما وجب لأجل أن النفس فاتت بثلاث جراحات فوزعت الدية على ذلك لا أن اليد وجب فيها ثلث الدية. ثم قال: وقد يجب في اليدين بعض الدية كأن سلخ جلد شخص فبادر آخر وحياته مستقرة فقطع يديه فالسالخ يلزمه دية وقاطع اليدين يلزمه دية ينقص منها ما يخص الجلد الذي كان على اليدين اه‍. وهذا ممنوع فإنا أوجبنا في اليدين الدية بتمامها، وإنما نقصنا منها شيئا لأجل ما فات من اليدين، لا أنا أوجبنا دون الدية في يدين تامتين. (وفي كل أصبع) أصلية من يد أو رجل عشر دية صاحبها ولو عبر به كان أولى، ففيها لذكر حر مسلم (عشرة أبعرة) كما جاء في خبر عمرو بن حزم. أما الإصبع الزائدة ففيها حكومة (و) في كل (أنملة) منها من غير إبهام (ثلث العشرة) لأن لكل أصبع ثلاث أنامل إلا الابهام فله أنملتان كما قال (و) في (أنملة الابهام نصفها) عملا بقسط واجب الإصبع.
تنبيه: لو انقسمت أصبع أربع أنامل متساوية ففي كل واحدة ربع العشر كما صرح به في أصل الروضة، ويقاس بهذه النسبة الزائدة على الأربع والناقصة عن الثلاث وبه صرح الماوردي. ثم قال: فإن قيل لم لم يقسموا دية الأصابع عليها إذا زادت أو نقصت كما في الأنامل، بل أوجبوا في الإصبع الزائدة حكومة؟ قلنا: الفرق أن الزائدة من الأصابع متميزة ومن الأنامل غير متميزة فلذلك اشتركت الأنامل وتفرقت الأصابع، وأيضا أن الأنامل لما اختلفت في أصل الخلقة بالزيادة والنقص كان كذلك في الخلقة النادرة، ولما لم تختلف الأصابع في الخلقة المعهودة فارقها حكم الخلقة النادرة، ولو لم يكن لإصبعه أنامل ففيه دية تنقص شيئا، لأن الانثناء إذا زال سقط معظم منافع اليد. العضو العاشر هو ما ذكره بقوله: (والرجلان) في قطعهما وأصابعهما وأناملهما (كاليدين) في جميع ما ذكر فيهما لحديث عمرو بن حزم بذلك ، والقدم كالكف، والساق كالساعد، والفخذ كالعضد، والأعرج كالسليم، لأن العيب ليس في نفس العضو، وإنما العرج نقص في الفخذ، والشلل في الرجل كما في اليد وتقدم بيانه. العضو الحادي عشر هو ما ذكره بقوله: (وفي حلمتيها) أي الأنثى (ديتها) لأن منفعة الارضاع وجمال الثدي بهما كمنفعة اليدين وجمالهما بالأصابع سواء أذهبت منفعة الارضاع أم لا وفي إحداهما نصفها، والحلمة كما في المحرر المجتمع الناتئ على رأس الثدي، وهذا التفسير صادق بحلمة الرجل. قال الإمام: ولون الحلمة يخالف لون الثدي غالبا وحواليه دائرة على لونها، وهي من الثدي لا منها، ولو قطع باقي الثدي أو قطعه غيره وجبت فيه حكومة، وإن قطعه مع الحلمة دخلت حكومته في ديتها في الأصح كالكف مع الأصابع فإن قطعهما مع جلدة الصدر وجبت حكومة الجلدة مع الدية، فإن وصلت الجراحة الباطن وجب أرش الجائفة مع الدية (و) في (حلمتيه) أي الرجل ومثله الخنثى (حكومة) إذ ليس فيها منفعة مقصودة بل مجرد جمال (وفي قول ديته) أي الرجل كالمرأة، فالخنثى على هذا القول تلحق بالأنثى كما علم من قول المصنف سابقا: والمرأة والخنثى كنصف رجل.
تنبيه: يجب للحلمة التي تحت حلمة الرجل أو الخنثى حكومة أخرى ولا يتداخلان لأن المقطوع منه عضوان ومن المرأة كعضو واحد. قال الروياني: وليس للرجل ثدي، وإنما هي قطعة لحم من صدره.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548