مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٤٦
والرسالة من التكلم، فدل على أنها منه، وقوله تعالى: * (ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا) * فاستثنى الرمز من الكلام، فدل على أنه منه، ومنهم من قطع بالجديد، وحمل ما نقل عن القديم على ما إذا نوى في يمينه المكاتبة والمراسلة، قاله الرافعي، وهو صريح في أنه عند النية يحنث قطعا وهو واضح، ووجهه أن المجاز تجوز إرادته بالنية.
تنبيه: قضية إطلاق المصنف الإشارة يقتضي أنه لا فرق فيها بين إشارة الناطق والأخرس وهو كذلك، وإنما أقيمت إشارة الأخرس في المعاملات مقام النطق للضرورة كذا ذكره الرافعي، وتعقب بما في فتاوى القاضي من أن الأخرس لو حلف لا يقرأ القرآن فقرأه بالإشارة حنث، وبما مر في الطلاق من أنه لو علقه بمشيئة ناطق فخرس، وأشار بالمشيئة طلقت وأجيب عن الأول بأن الخرس موجود فيه قبل الحلف بخلافه في مسألتنا، وعن الثاني بأن الكلام مدلوله اللفظ فاعتبر بخلافه المشيئة، وإن كانت تؤدى باللفظ.
تنبيه: قد مر في كتاب القسم والنشوز أن هجران المسلم فوق ثلاثة أيام حرام إلا لمصلحة، فإذا كاتبه أو راسله ارتفع الهجران إذا كان ذلك في حال الغيبة أو كانت المواصلة بينهما قبل الهجران بهما وتضمنت في الحالين الألفة بينهما لا إن كان فيهما إيذاء وإيحاش فلا يرتفع بهما الاثم، ولا إن كان ذلك في حال الحضور ولم تكن المواصلة بينهما قبل الهجران بذلك. (ولو قرأه) الحالف (آية أفهمه) أي المحلوف على عدم كلامه (بها مقصوده) نحو: * (ادخلوها بسلام آمنين) * عند طرق المحلوف عليه الباب (وقصد قراءة) فقط أو مع إفهامه (لم يحنث) لأنه لم يكلمه (وإلا) بأن قصد إفهامه فقط أو أطلق (حنث) لأنه كلمه، ونازع البلقيني في حال الاطلاق. واعتمد عدم الحنث، ومثل هذا ما لو فتح على إمامه أو سبح لسهوه فيأتي فيه التفصيل المذكور. وإن فرق بعضهم بأن ذلك من مصالح الصلاة بخلاف قراءة الآية.
فروع: لو حلف لا يقرأ حنث بما قرأ ولو بعض آية، أو ليتركن الصوم أو الحج أو الاعتكاف أو الصلاة حنث بالشروع الصحيح في كل منها، وإن فسد بعده لأنه يسمى صائما وحاجا ومعتكفا ومصليا بالشروع لا بالشروع الفاسد، لأنه لم يأت بالمحلوف عليه لعدم انعقاده إلا في الحج فيحنث به، وصورة انعقاد الحج فاسدا أن يفسد عمرته ثم يدخل الحج عليها فإنه ينعقد فاسدا، وتصويره بأن يحرم به مجامعا إنما يأتي على وجه مرجوح، إذ الأصح عدم انعقاده كما مر في بابه أو لا أصلي صلاة حنث بالفراغ منها ولو من صلاة فاقد الطهورين ونحوها مما يجب قضاؤها عملا بنيته، ولا يحنث بسجود تلاوة وشكر وطواف، لأنها لا تسمى صلاة قال الماوردي والقفال: ولا يحنث بصلاة جنازة لأنها غير متبادرة عرفا. وقضية كلام ابن المقري أنه يحنث بصلاة ركعة واحدة، وكلام الروياني يقتضي أنه إنما يحنث بصلاة ركعتين فأكثر، وهذا أوجه كما لو نذر أن يصلي صلاة أو لا يصلي خلف زيد فحضر الجمعة فوجده إماما ولم يتمكن من صلاة جمعة غير هذه موجب عليه أن يصلي خلفه لأنه ملجأ إلى الصلاة بالاكراه الشرعي وهل يحنث أو لا؟ الظاهر الأول كما بحثه بعض المتأخرين كما حلف لا يصوم فأدرك رمضان فإنه يجب عليه الصوم ويحنث أو لا يؤم زيدا فصلى زيد خلفه ولم يشعر به لم يحنث، فإن شعر به وهو في فريضة وجب عليه إكمالها، وهل يحنث أو لا؟ فيه ما مر. (أو لا مال له) وأطلق (حنث بكل نوع وإن قل) وزاد على المحرر قوله: (حتى ثوب بدنه) لصدق اسم المال عليه.
تنبيه: قضية قوله بكل نوع أنه لا فرق بين المنافع والأعيان، وهو قضية تقسيم المال إلى أعيان ومنافع، لكن قال الرافعي: لو كان يملك منفعة بوصية أو إجارة لم يحنث على الصحيح، لأن المفهوم من لفظ المال عند الاطلاق الأعيان اه‍. وقضية قوله وإن قل أنه لا فرق بين المتمول وغيره. لكن قيده البلقيني بالمتمول واستظهره الأذرعي وهو الظاهر، وقوله وثوب مجرور بحتى عطفا على المجرور قبله، وشرط جمع من النحويين في عطفها على
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548