مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٣٩
ولو قال مشيرا إلى سخلة لا آكل من لحم هذه البقرة حنث بأكلها تغليبا للإشارة. (والخبز) في حلقه على أكله (يتناول كل خبز كحنطة وشعير) بفتح الشين أفصح من كسرها (وأرز) بفتح الهمزة وضم الراء وتشديد الزاي (وباقلا) بتشديد اللام مع القصر اسم للفول (وذرة) - بإعجام الذال بخطه - وهي الدهن، وتكون سوداء وبيضاء (وحمص) بكسر الحاء بخطه، ويجوز فتح الميم وكسرها، وسائر المتخذ من الحبوب كالعدس وإن لم يكن بعضها معهودا ببلده، لأن الجميع خبز واللفظ باق على مدلوله من العموم، وعدم الاستعمال لا يوجب تخصيصا لوجود الاسم كما لو حلف لا يلبس ثوبا فإنه يحنث بكل ثوب وإن لم يعهده ببلده، وخبز الملة وهي - بفتح الميم وتشديد اللام - الرماد الحار كغيره (فلو ثرده) بالمثلثة مخففا (فأكله حنث) وكذا لو ابتلعه بلا مضغ كما في الروضة كأصلها هنا، وفي الطلاق فيها أنه لا يحنث بالبلع إذا حلف لا يأكل فعد ذلك تناقضا. وأجاب شيخي عن ذلك بأن ما في الطلاق مبني على اللغة، والبلع فيها لا يسمى أكلا، والايمان مبناها على العرف، والبلع فيها يسمى أكلا والجمع أولى من تضعيف أحد الموضعين، ولو جعله في مرقة حسوا: أي مائعا يشرب شيئا بعد شئ، أو فتيتا وهو الخبز يفت في الماء بحيث يبقى فيه كالحسو فشرب الحسو أو الفتيت. ويقال فيه الفتوت - بفتح الفاء فيهما - لم يحنث به، لأنه حينئذ لا يسمى خبزا قال ابن الرفعة: ويظهر أنه لو دق الخبز اليابس ثم أكله لم يحنث، لأنه استجد اسما آخر كالدقيق. قال في الروضة:
ولا يحنث بأكل الجوزنيق في الأصح، وهو القطائف المحشوة بالجوز، ومثله اللوزنيق، وهو القطائف المحشوة باللوز قال ابن خلكان: وعلل ذلك بأنه مقلي، وأخذ بعض المتأخرين من ذلك أن الضابط في الخبز كل ما خبز لا ما قلي.
قال في زيادة الروضة: وأما البقسماط والبسيس والرقاق وبيض لذلك. قال في المهمات. أما البقسماط فسماه الجوهري خبزا، والرقاق في معناه نعم أهل العرف لا يسمون ذلك خبزا، وأما البسيس فهو أن يلت السويق أو الدقيق أو الاقط المطحون بالسمن أو بالزيت ثم يؤكل من غير طبخ، كذا ذكره الجوهري وأنشد عليه: لا تخبز خبزا وبساسا وإذا علمت ما ذكره تفسيرا واستدلالا قطعت بأنه لا يحنث بالبسيس اه‍. وقال الأذرعي: يظهر الحنث بالرقاق والبقسماط وكذا ببسيس أو خبز، لا إن قلي بشيرج. قال: والمراد به أي بما يخبز ما يتعاطاه أهل الشام من أنهم يعجنون دقيقا ويخبزونه قبل أن يختم ثم يبسونه بغربال ونحوه ويضيفون إليه سمنا، وقد يزاد عسلا أو سكرا اه‍. وقوله: إلا إن قلي فيه إشارة إلى الضابط المذكور، وعليه يحنث بالكنافة، ولا يحنث بالزلابية. وفيه نظر، بل رجح الأشموني في بسط الأنوار أن البقسماط ونحوه لا يسمى خبزا، والظاهر أن الضابط في ذلك العرف، لا ما يخبز ويقلى. وقال بعض المتأخرين: ينبغي الحنث في الجميع إن اعتمدنا اللغة، وعدمه إن اعتمدنا العرف (و) الافعال المختلفة الأجناس كالأعيان لا يتناول بعضها بعضا، والشرب ليس أكلا ولا عكسه، فعلى هذا لو حلف لا يأكل سويقا فسفه، أو تناوله (بأصبع) مبلولة أو نحوها (حنث) لأنه يعد أكلا.
تنبيه: قضية كلامه أنه لا يشترط في حصول اسم الاكل المضغ، بل يكفي البلع وهو كذلك، وتقدم الفرق بينه وبين الطلاق عند قول المصنف فلو ثرده. (وإن جعله) أي السويق (في ماء) أو مائع وغيره حتى انماع (فشربه فلا) لعدم الاكل، فإن كان خائرا بحيث يؤخذ منه باليد حنث (أو) حلف (لا يشربه) أي السويق (فبالعكس) فيحنث في الثانية لوجود المحلوف عليه دون الأولى، لأنه لم يشربه.
فروع: لو حلف لا يأكل سويقا ولا يشربه فذاقه لم يحنث، لأنه لم يأكل ولم يشرب، وإن حلف لا يذوق شيئا فمضغه ولفظه حنث، لأن الذوق معرفة الطعم وقد حصل، ولو حلف لا يأكل ولا يشرب ولا يذوق فأوجر في حلقه وبلغ جوفه لم يحنث لأنه لم يأكل ولم يشرب ولم يذق أو لا يطعم حنث بالايجار من نفسه أو من غيره باختباره لأن معناه لأجعلنه لي طعاما وقد جعله له طعاما، ولو حلف لا يأكل العنب أو الرمان فامتصه ولم يزدرد شيئا من تفله لم يحنث
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548