قوله: " وأما حديث جابر فقال: جئ بأبي قحافة (والد أبى بكر) يوم الفتح إلى رسول الله (ص) وكأن رأسه ثغامة، فقال رسول الله (ص):
" اذهبوا به إلى بعض نسائه فلتغيره بشئ، وجنبوه السواد ". رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي، فإنه واقعة عين، ووقائع الأعيان لا عموم لها ".
قلت: لا أرى أن الحديث من " وقائع الأعيان التي لا عموم لها "، بل هو من باب " الأمر للواحد أمر لجميع الأمة أم لا؟ " "، والحق الأول كما سبق بيانه في " المقدمة: القاعدة 15 ". ولذلك لما حكى الشوكاني في " النيل " (1 / 105) تقصي بعضهم من الحديث بأنه ليس في حق كل أحد تعقبه بقوله: " بأنه مبني على أن حكمه على الواحد ليس حكما على الجماعة، وفيه خلاف معروف في الأصول "، واختار في مكان آخر ما رجحناه، وقد نقلت كلامه في ذلك هناك، ولذلك جرى العلماء على الاحتجاج بهذا الحديث على أنه ليس خاصا بأبي قحافة، وتقدم كلام النووي في ذلك قريبا. ونحوه كلام الحافظ في " الفتح " (6 / 499 و 10 / 354). فليراجعه من شاء.
ويؤيد ما سبق أحاديث:
1 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله " صلى الله عليه وآله ":
" يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بهذا السواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة ".
أخرجه أبو داود، والنسائي، وأحمد، والطبراني في " الكبير "، بسند صحيح، وقال الحافظ في " الفتح ":
" وصححه ابن حبان، وإسناده قوي، إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه، وعلى تقدير ترجيح وقفه فمثله لا يقال بالرأي، فحكمه الرفع، ولهذا اختار النووي أن