وسماه ابن جريج: " كثير بن المطلب، وهو أيضا مجهول، وتوثيق ابن حبان له لا يخرجه عن الجهالة، وقد أشار الحافظ في " التقريب " إلى أنه لين الحديث.
ثم إن الحديث لو صح لم يكن نصا فيما استدل له ابن حبان، لأنه يحتمل أن يكون جواز المرور بين يدي المصلي الذي ليس أمامه سترة خاصا بالمسجد الحرام، وقد استدل بعض العلماء به على ذلك. والله أعلم.
قوله في حكمها: " ويرى الحنفية والمالكية أن اتخاذ السترة إنما يستحب للمصلي عند خوف مرور أحد.. لحديث ابن عباس أن النبي (ص).
صلى في فضاء، وليس بين يديه شئ. رواه أحمد، وأبو داود، والبيهقي، وقال: وله شاهد أصح من هذا عن الفضل بن عباس ".
فأقول: فيه مؤاخذات.
الأولى: أن التعليل المذكور مجرد رأي لا دليل عليه، وفيه إهدار للنصوص الموجبة لاتخاذ السترة - وقد سبق ذكر بعضها - بمجرد الرأي، وهذا لا يجوز، وبخاصة أنه يمكن أن يكون المار من الجنس الذي لا يراه الإنسي، وهو الشيطان، وقد جاء ذلك صريحا من قوله وفعله عليه الصلاة والسلام، فقد صح عنه أنه قال:
" إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته ".
وهو مخرج في " الصحيحة " (1373)، وتأويل " الشيطان " بالإنسي المار مجاز لا مسوغ له، إلا ضعف الإيمان بالغيب!
وقد صح أن الشيطان أراد أن يفسد على النبي (ص) صلاته، فمكنه الله منه، وخنقه، حتى وجد برد لعابه بين إصبعيه، وقال: