ومن (مسائل تتعلق بالغسل) قوله: " 1 - يجزئ غسل واحد عن حيض وجنابة، أو عن جمعة وعيد، أو عن جنابة وجمعة، إذا نوى الكل، لقول رسول الله (ص): وإنما لكل امرئ ما نوى ".
قلت: الذي يتبين لي أنه لا يجزى ذلك، بل لا بد من الغسل لكل ما يجب الغسل له غسلا على حدة، فيغتسل للحيض غسلا، وللجنابة غسلا آخر، أو للجنابة غسلا، وللجمعة غسلا آخر، لأن هذه الأغسال قد قام الدليل على وجوب كل واحد منها على انفراده، فلا يجوز توحيدها في عمل واحد، ألا ترى أنه لو كان عليه قضاء شهر رمضان أنه لا يجوز له أن ينوي قضاءه مع صيامه لشهر رمضان أداء، وهكذا يقال في الصلاة ونحوها، والتفريق بين هذه العبادات وبين الغسل لا دليل عليه، ومن ادعاه فليتفضل بالبيان.
واستدلال المصنف بقوله (ص): " وإنما لكل امرئ ما نوى " لا وجه له ههنا، وليس له العموم الذي نزع إليه المصنف إذ المعنى: له ما نوى من النية الصالحة أو الفاسدة في العمل المشروع، بمعنى أن العمل المشروع لا يكون مقبولا عند الله إلا إذا كانت النية فيه صالحة، بخلاف ما إذا كانت النية فاسدة. مثل أن يقصد به غير وجه الله تعالى، فحينئذ لا يقبل عمله، ويدلك على أن هذا هو المراد من الحديث تمامه، وهو: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله (وهذه هي النية الصالحة)، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها (وهذه هي النية الفاسدة)، فهجرته إلى ما هاجر إليه ".
وخلاصة القول أن الحديث إنما يدل على صلاح العمل الذي ثبت في