صدقة في شئ من الحبوب الا في البر والشعير، ولا صدقة في شئ من الثمار إلا في النخل والكرم، لأن رسول الله (ص) لم يستم إلا إياها، مع قول من قال به من الصحابة والتابعين، ثم اختيار ابن أبي ليلى وسفيان إياه، لأن رسول الله (ص) حين خص هذه الأصناف الأربعة للصدقة، وأعرض عما سواهما، قد كان يعلم أن للناس أموالا وأقواتا، مما تخرج الأرض سواها، فكان تركه ذلك وإعراضه عنه عفوا منه كعفوه عن صدقة الخيل والرقيق ".
قلت: وهذه الحجة الأخيرة تنسحب أيضا على عروض التجارة، فإنها كانت معروفة في عهد النبي (ص)، وذكرت في القرآن والأحاديث مرارا كثيرة، وبمناسبات شتى، فسكوته (ص) عنها، وعدم تحدثه عنها بما يجب عليها من الزكاة التي ذهب إليها بعضهم، فهو عفو منه أيضا لحكمة بالغة، سبق لفت النظر إلى شئ منها مما ظهر لنا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قوله تحت عنوان: تقدير النصاب في النخيل: " أن النبي (ص) قال: إذا خرصتم فخذوا، ودعوا الثلث... ".
قلت: إسناده ضعيف، فيه من لا يعرف عند الذهبي وغيره، ولا عبرة بتصحيح من ذكرهما المؤلف، لأنهما من المتساهلين، وحسبك دليلا على ذلك أن الترمذي - على تساهله الذي عرف به - لما أخرج الحديث سكت عنه ولم يحسنه! ولذلك خرجته في " الضعيفة " (2556) و " ضعيف أبي داود " (281).
والأثر الذي ذكره المؤلف بعده عن بشير بن يسار قال: بعث عمر بن الخطاب ... إلخ. رواه أبو عبيد في " الأموال " (486 / 1449)، وابن أبي شيبة (3 / 194) بسند رجاله ثقات، لكنه منقطع بين بشير وعمر، فإنهم لم يذكروا له رواية إلا عن صغار الصحابة، كأنس وغيره.