نعلم أن أحدا منهم كان يمشي أو يجلس كاشفا عن فخذيه كما يفعل بعض الكفار اليوم ومن يقلدهم من المسلمين الذين يلبسون البنطلون الذي يسمونه ب (الشورت)، وهو (التبان) في اللغة.
ولهذا، فلا ينبغي التردد في كون الفخذ عورة ترجيحا للأدلة القولية، فلا جرم أن ذهب إليه أكثر العلماء، وجزم به الشوكاني في " نيل الأوطار " (2 / 52 - 53) و " السيل الجرار " (1 / 160 - 161).
نعم، يمكن القول بأن عورة الفخذين أخف من عورة السوأتين، وهو الذي مال إليه ابن القيم في " تهذيب السنن " كما كنت نقلته عنه في " الإرواء " (1 / 301). وحينئذ، فمس الفخذ الذي وقع في حديث أبي ذر، والظاهر أنه من فوق الثوب، ليس كمس السوأتين، خلافا لما قعقع حوله ابن حزم، ونقله المؤلف عنه وأقره!
بقي شئ، وهو أن المؤلف قرن الركبة والسرة مع الفخذ، ثم لم يذكر الدليل عليهما، والواقع أنه لا يصح في ذلك شئ كما بينه الشوكاني (2 / 55)، بل ينفى ذلك قوله (ص): " ما بين السرة والركبة عورة "، وهو حديث حسن كما بينته في " الإرواء " (247 و 271) إلى أحاديث أخرى بمعناه، فراجع الشوكاني إن شئت.
ثم قال في تفسير قوله تعالى: * (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) *:
" أي ولا يظهرن مواضع الزينة إلا الوجه والكفين كما جاه ذلك صحيحا عن ابن عباس وابن عمر وعائشة ".
قلت: انظر " حجاب المرأة المسلمة " (ص 23 - 25). وأزيد هنا فأقول:
روى ابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 283) عن ابن عباس في تفسير الآية المذكورة: " قال: الكف ورقعة الوجه ". وسنده صحيح. وروى نحوه عن ابن عمر