ذلك أن توجهت إلي منهم أسئلة كثيرة، عن غير قليل من المسائل والأحاديث الواردة فيه، فكنت أجيبهم عنها بما أعلمه، وكثيرا ما كان الجواب مخالفا لما في الكتاب، فقد كنت أضعف كثيرا من أحاديثه، وأخطئ عديدا ملم من مسائله، فلما رأى ذلك بعض الغيورين على فقه السنة والحريصين على نشرها صحيحة بين صفوف الأمة اقترح على أن أسجل ما آخذه على الكتاب وأنشره بين الناس، فاعتذرت عن ذلك أول الأمر، ثم لما تكرر الطلب فيه، وألخ به كثير غيره رأيت أنه لا بد من إجابة طلبتهم وتحقيق رغبتهم، لما في ذلك من خدمة للكتاب، بل الفكرة التي يحملها ويدعو الناس إليها وهي " جمعهم على الكتاب والسنة، والقضاء علن الخلاف وبدعة التعصب للمذاهب... " كما صرح في مقدمته.
وعلاوة على ذلك ففيه تنزيه للكتاب مما وقع فيه من الأخطاء الفقهية والأحاديث الضعيفة التي يتنافى وجودها مع " فقه السنة "، وبهذا أكون قد حققت شيئا من الرغبة التي كان أبداها للطرفين أحد إخواننا لما ذهب إلى مصر، وهي التعاون في سبيل الفكرة المذكورة عن كثب وقرب، ولكن حال دون ذلك عدة أسباب، أهمها: بعد الدار، وتعذر اللقاء، فإذ قد فاتني ذلك، فلا أقل من التعاون فيها عن بعد، لأنه كما قيل: ما لا يدرك كله لا يترك جله..
فلما شرح الله لذلك صدري، واطمأن له قلبي شرعت في قراءة ما صدر من أجزاء الكتاب قراءة إمعان وتدبر، فكنت كلما تبين لي منه شئ يستحق ذكره والتنبيه عليه سجلته عندي وعلقته في وريقاتي، فما أن انتهيت من التعليق عليها حتى تأكد لدي ضرورة ما صنعت، ذلك لأنني وقفت فيها بعد