الثاني: أن هذه الصورة تؤدي إلى تفريق الجماعة الأولى المشروعة، لأن الناس إذا علموا أنهم تفوتهم الجماعة يستعجلون فتكثر الجماعة، وإذا علموا أنها لا تفوتهم، يتأخرون، فتقل الجماعة، وتقليل الجماعة مكروه، وليس شئ من هذا المحذور في الصورة التي أقرها. رسول الله (ص)، فثبت الفرق، فلا يجوز الاستدلال بالحديث على خلاف المتقرر من هديه " صلى الله عليه وآله ".
وبعد.. فإن هذا البحث يتطلب شرحا أوسع لا يتسع له هذا التعليق، وفي النية أن أجمع في ذلك رسالة، فعسى أن أوفق لتحريرها إن شاء الله تعالى.
قوله: " الجهر بالصلاة والسلام على الرسول " صلى الله عليه وآله "... محدث مكروه ".
قلت: مفهومه أن الإسرار بها سنة، فأين الدليل على ذلك؟ فإن قيل: هو قوله (ص): " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا علي... "، وقد مضى في الكتاب في فقرة (الذكر عند الأذان)، فالجواب: ان الخطاب فيه للسامعين المأمورين بإجابة المؤذن، ولا يدخل فيه المؤذن نفسه، وإلا لزم القول بأنه يجيب أيضا نفسه بنفسه، وهذا لا قائل به، والقول به بدعة في الدين.
فإن قيل: فهل يمنع المؤذن من الصلاة عليه " صلى الله عليه وآله " سرا؟
قلت: لا يمنع مطلقا، وإنما يمنع من أن يلتزمها عقب الأذان، خشية الزيادة فيه، وأن يلحق به ما ليس منه، وشعوى بين من نص عليه (ص) - وهو السامع - ومن لم ينص عليه - وهو المؤذن - وكل ذلك لا يجوز القول به. فليتأمل.