وأما الآخر: فهو أن الحديث حسن لغيره، لأن له شاهدا من حديث أبي قلابة الجرمي مرسلا بلفظ: " يا عثمان إن الله لم يبعثني بالرهبانية (مرتين أو ثلاثة) لأن أحب الدين عند الله الحنيفية السمحة ".
أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (ج 3 ق 1 ص 287).
ثم وجدت له شاهدا آخر من رواية عبد العزيز بن مروان بن الحكم مرسلا، أخرجه أحمد في " الزهد) (ص 289 و 310) بسند صحيح.
ثم رأيت المؤلف قد وقع في خطأ آخر غريب حول هذا الحديث حيث عزاه لمسلم في " الطبعة السادسة " سنة (76 ه) ولا أصل له في مسلم! وإنما رواه البخاري معلقا، ووصله في " الأدب المفرد " وقد خرجته في " الصحيحة " (881).
ومن (التشريع الإسلامي أو: الفقه) قوله تحت رقم 1 -: " وفي الحديث أن النبي (ص) نهى عن الأغلوطات ".
قلت: الجزم بنسبته إلى النبي (ص) يوهم أن الحديث ثابت، وليس كذلك، فإنه من رواية عبد الله بن سعد عن الصنابحي عن معاوية بن أبي سفيان. أخرجه أبو داود، وأحمد، وغيرهما، وعبد الله هذا، قال دحيم: " لا أعرفه ". وقال أبو حاتم: " مجهول ". وقال الساجي: " ضعفه أهل الشام ". ولذلك أشار الحافظ في " التقريب " إلى أنه لين الحديث إذا تفرد. ولم أجد له متابعا على هذا الحديث، فهو ضعيف، وقد أعله المناوي في " فيض القدير، بما نقلناه عن الساجي والذين قبله، فلا يغتر بسكوت أبي داود عليه ولا برمز السيوطي له بالحسن لما ذكرناه في المقدمة: (القاعدة السابعة والثامنة).