ثم خرجته في " الصحيحة " (2321).
قوله: " 2 - إذا اغتسل من الجنابة، ولم يكن قد توضأ، يقوم الغسل عن الوضوء قالت عائشة: كان رسول الله (ص) لا يتوضأ بعد الغسل. وعن ابن عمر أنه قال لرجل قال له: إني أتوضأ بعد الغسل؟ فقال له: لقد تعمقت ".
قلت: في هذا الاستدلال نظر، أما الأثر عن ابن عمر، فموقوف، ولا حجة فيه إن صح، تم الظاهر أن المراد منه ما يراد من الحديث، وهو أن السنة الوضوء قبل الغسل لا بعده، بدليل حديثها الآخر، قالت:
" كان رسول الله (ص) إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل... الحديث ". أخرجه الشيخان وغيرهما.
ولا شك أن من توضأ قبل الغسل، ثم بعده، فهو تعمق، ومن اقتصر على الوضوء بعده فهو مخالف للسنة، فليس إذن في حديث عائشة أنه (ص) كان لا يتوضأ في الغسل مطلقا، ولو كان كذلك لصح الاستدلال به، وإذ لا، فلا.
فالأولى الاستدلال بحديث جابر بن عبد الله: أن أهل الطائف قالوا: يا رسول الله! إن أرضنا أرض باردة، فما يجزئنا من غسل الجنابة؟ فقال رسول الله (ص): أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثا. رواه مسلم وغيره. وبه استدل البيهقي للمسألة، فقال في " سننه " (1 / 177):
" باب: الدليل على دخول الوضوء في الغسل... "، وهذا ظاهر من الحديث، فإذا ضم إليه حديث عائشة الذي أورده المؤلف - وهو صحيح كما بينته في " صحيح سنن أبي داود " برقم (244) - ينتج منهما أنه (ص) كان يصلي بالغسل الذي لم يتوضأ فيه ولا بعده. والله أعلم.