استبقاه أو أعتقه لأنه وكله في أن يستدين له فالدين في ذمة المولى لا يلزم العبد منه شئ بحال من الأحوال ولم يزده العتق إلا خيرا، وقد رجع شيخنا أبو جعفر عما ذكره في نهايته في كتاب الاستبصار في الجزء الثالث، وما ذكره في نهايته خبر واحد رواية ظريف الأكفاني وهو مجهول خامل الذكر وهو من أضعف أخبار الآحاد أعني هذا الخبر، وقد بينا أن أخبار الآحاد لا توجب علما ولا عملا وأن شيخنا أبا جعفر رحمه الله أوردها في نهايته إيرادا على ما هي عليه ورجع عنها عند تحقيق الفتوى في كتبه الباقية على ما قد أوردناه وحكيناه عنه في هذا الكتاب كثيرا.
وقال في الجزء الثاني من مبسوطه: وإذا أذن لعبده في التجارة فركبه دين، فإن كان أذن له في الاستدانة فإن كان في يده مال قضاه منه وإن لم يكن في يده مال كان على السيد القضاء عنه، وإن لم يكن أذن له في الاستدانة كان ذلك في ذمة العبد يطالب به إذا أعتق، وقد روي أنه يستسعي العبد في ذلك، هذا آخر كلامه.
فعلى ما اخترناه من أن العبد إذا كان مأذونا له في الاستدانة يكون الدين في ذمة مولاه على كل حال، فإن مات المولى وعليه دين كان غرماء العبد وغرماؤه سواء يتحاصصون ما يحصل من جهته من المال على ما تقتضيه أصول أموالهم من غير تفضيل بعض منهم على بعض لأن الدينين جميعا دين على المولى الذي هو السيد وفي ذمته.
باب القرض وأحكامه:
القرض فيه فضل كبير وثواب جزيل، وقد روي أنه أفضل من الصدقة بمثله في الثواب، فإن أقرض مطلقا ولم يشرط الزيادة في قضائه فقد فعل الخير، وإن شرط الزيادة كان حراما ولم ينعقد العقد وكان فاسدا والملك باقيا على المقرض ولم ينتقل عنه إلى ملك المستقرض ولا يجوز حينئذ للمستقرض أن يتصرف فيه، ولا فرق بين أن يشرط زيادة في الصفة أو في القدر، فإذا لم يشرط ورد عليه خيرا منه أو أكثر كان جائزا مباحا، ولا فرق بين أن يكون ذلك عادة أو لم يكن.