يتمكن من أخذه منه ووقع له عنده مال جاز له أن يأخذ حقه منه من غير زيادة عليه، وإن كان ما وقع عنده على سبيل الوديعة لم يجز له ذلك ولا يخون فيها.
ومن وجب عليه دين وغاب عنه صاحبه غيبة لم يقدر عليه معها وجب عليه أن ينوي قضاءه ويعزل ماله من ملكه، فإن حضرته الوفاة أوصى به إلى من يثق به فإن مات من له الدين سلمه إلى ورثته، فإن لم يعرف له وارثا اجتهد في طلبه فإن لم يظفر به تصدق به عنه وليس عليه شئ، وإذا استدانت المرأة على زوجها وهو غائب عنها فأنفقته بالمعروف وجب عليه القضاء عنها فإن كان زائدا على المعروف لم يكن عليه قضاؤه، ومن له على غيره مال لم يجز له أن يجعله مضاربة إلا بعد أن يقبضه ثم يدفعه إليه إن شاء للمضاربة.
ومن شاهد مدينا له قد باع ما لا يحل تملكه للمسلمين من خمر أو خنزير وغير ذلك وأخذ ثمنه جاز له أن يأخذ منه فيكون حلالا له ويكون ذنب ذلك على من باع، وإذا كان شريكان لهما مال على الناس فتقاسما واحتال كل واحد منهما شيئا منه ثم قبض أحدهما ولم يقبض الآخر كان الذي قبضه أحدهما بينهما على ما يقتضيه أصل شركتهما وما يبقى على الناس أيضا مثل ذلك، ومن كان له دين على غيره فأعطاه شيئا بعد شئ من غير الجنس الذي له عليه ثم تغيرت الأسعار كان له بسعر يوم أعطاه تلك السلعة لا بسعر وقت محاسبته إياه.
باب قضاء الدين عن الميت: يجب أن يقضي الدين عن الميت من أصل تركته وهو أول ما يبدأ به بعد الكفن ثم تليه الوصية، فإن أقيم بينة على ميت بمال وكانت عادلة وجب معها على من أقامها اليمين بالله أن له ذلك المال حقا ولم يكن الميت قد خرج إليه من ذلك ولا من شئ منه، فإذا حلف كان له ما أقام عليه البينة وحلف عليه وإن امتنع عنه لم يكن له عليه شئ وبطلت بينته ولم يلزم الورثة اليمين، فإن ادعى عليهم العلم بذلك لزمهم أن يحلفوا أنهم لا يعلمون له حقا على ميتهم، ومتى لم يخلف الميت شيئا لم يلزم الورثة قضاء الدين عنه بحال، فإن تبرع منهم انسان بالقضاء عنه كان له بذلك الأجر والثواب ويجوز أن يكون ذلك القضاء مما يحتسب به