فصل: ثم قال تعالى: وأن تصدقوا خير لكم معناه وتصدقكم على المعسر بما عليه من الدين خير لكم، وأن تصدقوا خير لكم ندب إلى أن تصدقوا برؤوس أموالكم وبديونكم كلها على من أعسر من غرمائكم أو ببعضها، لقوله: وأن تعفوا أقرب للتقوى وقيل: أريد بالتصدق الإنظار، لقوله ع: لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة.
إن كنتم تعلمون أنه خير لكم فتعلمونه، جعل من لا يعلم به وإن علمه كان لا يعلمه، والصدة بعشرة لقوله تعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء.
وسأل أبا الحسن الرضا ع رجل فقال: إن الله تعالى يقول: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة، أخبرني عن هذه النظرة التي ذكرها الله في كتابه لها حد يعرف به إذا صار هذا المعسر لا بد له من أن ينظر وقد أخذ مال هذا الرجل وأنفقه على عياله وليس له غلة ينتظر إدراكها ولا دين ينتظر محله ولا مال غائب ينتظر قدومه؟ قال: نعم ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام فيقضي ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله، وإن كان أنفقه في معصية الله فلا شئ له على الإمام. قيل: فإن لم يعلم فيما أنفقه أ في طاعة الله أم في معصيته؟ قال: يسعى له في ماله فيرده عليه وهو صاغر.
باب القرض:
قال تعالى: إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم الآية.
القرض على ما روي بثماني عشر والآية تدل على زيادة فضله على الصدقة، والمراد إن تقرضوا أيها الأغنياء الفقراء الذين هم أولياء الله لأنه تعالى هو الغني على الحقيقة لا يحتاج إلى شئ.
قال الصادق ع في قوله تعالى " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أمر بصدقة أو معروف "، قال: يعني بالمعروف القرض وإنما حرم الربا ليتقارض الناس، قال أبو جعفر ع: من أقرض قرضا إلى ميسرة كان ماله في زكاة وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يقضيه.