فصل به بين من يطيق الصيام بمشقة وبين من لا يطيقه أصلا، لم أجد به حديثا مفصلا، والأحاديث كلها على أنه متى عجزا كفرا عنه.
والذي حمله على هذا التفصيل هو أنه ذهب إلى أن الكفارة فرع على وجوب الصوم، ومن ضعف عن الصيام ضعفا لا يقدر عليه جملة فإنه يسقط عنه وجوبه جملة، لأنه لا يحسن تكليفه للصيام وحاله هذه، وقد قال الله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وهذا ليس بصحيح لأن وجوب الكفارة ليس بمبني على وجوب الصوم، لأنه ما كان يمتنع أن يقول الله: متى لم تطيقوا الصيام فصار مصلحتكم في الكفارة وسقط وجوب الصوم عنكم وليس لأحدهما تعلق بالآخر.
والذي ورد في الأحاديث من ذلك ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله ع قال:
سألته عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان. فقال: يتصدق بما يجزئ عنه طعام مسكين لكل يوم.
وما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع في قول الله: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، قال: الشيخ الكبير والذي يأخذه العطاش، وفي رواية أخرى: ولا قضاء عليهما، فإن لم يقدرا فلا شئ عليهما، وفي رواية أنه قال: يتصدق كل واحد بمدين من طعام، وهذا ليس بمضاد للرواية التي تضمنت مدا من طعام أو إطعام مسكين، لأن هذا الحكم يختلف بحسب اختلاف أحوال المكلفين، فمن أطاق مدين يلزمه ذلك، ومن لم يطق إلا إطعام مد فعل ذلك، ومن لم يقدر على شئ منه فليس عليه شئ حسب ما قدمناه، ومقدار المد ثلاثمائة سوى سبعة دراهم ونصف درهم.
باب:
في النية وفي علامة أول الشهر وآخره:
من شرط صحة الصوم النية، قال الله تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين، والإخلاص لله بالديانة هو أن يتقرب إليه بذلك من غير رياء ولا سمعة، وهذا التقرب لا يصح إلا بالنية له وقال النبي ص " الأعمال بالنيات "، ويكفي في النية أن