فصل:
وقوله: فمن شهد منكم الشهر فليصمه، أراد تعالى من شهد الشهر وهو ممن يتوجه إليه الخطاب، فعلى هذا الصبي إذا احتلم في نصف يوم من شهر رمضان أمسك ما بقي تأديبا ولا قضاء عليه فيما مضى، ويمسك الكافر أيضا إذا أسلم في نهار رمضان للتأديب، والمجنون والمغمى عليه في الشهر كله لا قضاء عليهم عندنا بدلالة قوله " فمن شهد " وتقديره فمن كان شاهدا الشهر ويتوجه الخطاب إليه، والمجنون والمغمى عليه ليسا بعاقلين حتى يتناولهما الخطاب، والكافر وإن كان مخاطبا بالشرعيات فقد سامح الله معه إذا أسلم.
وقسم هذا الكلام بعض أصحابنا فقال: من نوى الصوم في أول الشهر ثم أغمي عليه واستمر به أياما فهو بحكم الصائم لم يلزمه قضاء، وإن لم يكن مفيقا في أول الشهر وجب عليه القضاء، وإنما يحمل هذا على الاستحباب لأنه تعالى قال: وما جعل عليكم في الدين من حرج.
باب من له عذر وما يجري مجرى العذر:
قال الله تعالى: ومن كان مريضا أو على سفر، المراد به إذا كان مريضا عليلا فلا يطيق الصوم أو يخاف على نفسه منه فيلزمه عدة من الأيام الأخر، واعلم أن من فاته رمضان بعذر من مرض وغيره فعليه قضاؤه، ووقت القضاء ما بين رمضانين الذي تركه والذي بعده، فإن أخر القضاء إلى أن يدركه رمضان آخر صام الذي أدركه وقضى الذي فاته، وإن كان تأخيره لعذر من سفر أو مرض استدام به فلا كفارة عليه، وإن تركه مع القدرة كفر عن كل يوم بمد من طعام يدل عليه - بعد إجماع الطائفة والاحتياط - قوله: فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، وهذا هو القضاء والأمر على الفور إلا لقرينة.
ثم الظاهر أن الفدية على من أطاق القضاء، وإن كان الخطاب راجعا إلى القضاء والأداء معا، فالظاهر أنه منهما إلا أن تقوم دلالة على تركه، وقال أهل العراق الحامل والمرضع اللتان تخافان على ولديهما تفطران ولا تقضيان يوما مكانه ولا صدقة عليهما ولا كفارة وبه