الوكالات:
فصل:
وإذا وكل الانسان غيره في الخصومة عنه والمطالبة والمحاكمة فقبل الموكل ذلك وضمن القيام به فقد صار وكيله يجب له ما يجب لموكله ويجب عليه ما يجب عليه إلا ما يقتضيه الإقرار من الحدود والآداب والأيمان، والوكالة تعتبر بشرط الموكل فإن كانت في خاص من الأشياء لم تجز فيما عداه، وإن كانت عامة قام الكيل مقام الموكل على العموم حسب ما بيناه، والوكالة تصح للحاضر كما تصح للغائب ولا يجب الحكم بها على طريق التبرع دون أن يلزم ذلك بإيثار الموكل واختياره.
وحاكم المسلمين أن يوكل لسفهائهم وأيتامهم من يطالب بحقوقهم ويحتج عنهم ولهم، وينبغي لذوي المروءات من الناس يوكلوا لأنفسهم في الحقوق ولا ينازعوا فيها بأنفسهم، وللمسلم أن يتوكل للمسلمين على أهل الاسلام وأهل الذمة، ولأهل الذمة على أهل الذمة خاصة، ويتوكل الذمي للمسلم على الذمي ولأهل الذمة على أمثالهم من الكفار، ولا يجوز للذمي أن يتوكل على أحد من أهل الاسلام.
وينبغي أن يكون الوكيل: عاقلا بصرا بالحكم فيما له وعليه مأمونا عارفا باللغة التي يحتاج إلى المحاورة بها في وكالته لئلا يأتي بلفظ يقتضي إقراره بشئ أراد به غيره، ولا يحل لحاكم من حكام المسلمين أن يسمع من متوكل لغيره إلا أن تقوم البينة عنده بأنه وكيل له.
والكفيل والزعيم والضمين في المعنى واحد والحكم في بابهم على ما قدمناه وفصلنا القول به