الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٠٨
قال علي: وهذا الاعتراض يبين جهل المعترض به، لان الطلاق والعتاق والبيع والعطايا والصدقات لفظ لا يقتضي إقامة مأمورا بها، بل مباح له أن يطلق ويفعل كل ذلك، وهو يمشي أو وهو يسبح في الماء، فليس مرتبطا بالإقامة في المكان، والصلاة لا بد لها من إقامة إلا في حالة المسابقة أو الضرورة، فمن اضطر إلى الإقامة في مكان مغصوب فصلاته فيه تامة، لأنه ليس مختارا للإقامة هناك، والصابغ بالحناء بعد إزالة الحناء ليس هو مستعملا في تلك الحال لشئ مغصوب، وأما لو صلى وهو مختضب بها لبطلت صلاته لفعله فيها ما لا يحل له، وأما تعلم القرآن فليس مرتبطا بجنس المصحف، وقد يتعلم المرء تلقينا، ثم أيضا هو في حال حفظه غير مستعمل لشئ مغصوب، وكذلك في قراءاته ما حفظ في صلاته، وبالله التوفيق.
وبالجملة فلا يتأدى عمل إلا كما أمر الله تعالى، أو كما أباح، لا كما نهى عنه، وبالله تعالى التوفيق، وكل عمل لا يصح إلا بصحة ما لا يصح، فإن ذلك العمل لا يصح أبدا، وكل ما لا يوجد إلا بعد وجود ما لا يوجد، فهو غير موجود أبدا، وكل ما لا يتوصل إليه إلا بعمل حرام فهو حرام أبدا، وكل شئ بطل سببه الذي لا يكون إلا به فهو باطل أبدا، وهذه براهين ضرورية معلومة بأول
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست