الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٦٢
كما وصفنا أيضا أنهما شاهدا، فهو خبر ضروي يوجب العلم واليقين بلا شك، وأن عشرات الألوف إذا حشدوا وكلفوا خبرا ما، ولهم في ذلك رغبة أو رهبة أو هوى فجائز اجتماعهم على فعل الكذب، وقد شاهدنا ذلك في شكر الولاة وذمهم، إلا أن هذا لا يخفى، بل هو معلوم ضرورة من قبلهم، لأنهم وإن اجتمعوا على ما جمعوا له فكلهم يخبر صديقه وامرأته وجاره قبل أن يجمع، وبعد أن ينفض من ذلك الجمع بحقيقة الامر وجلية الخبر، وهذا مشاهد كل يوم من أحوال الناس ونقل أخبارهم من موت أو ولادة أو نكاح أو طلاق أو عزلة أو ولاية أو وقفة أو ما شبه ذلك، وإنما أغفل الناس هذا لقلة المتفقدين لمثل هذا وشبهه، ولكثرة من ينسى ما يمر عليه من ذلك، وأصيخوا رحمكم الله إلى ما نقول لكم:
اعلموا ان كل من لا يحمل كلام تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على ظاهره عمومه والوجوب فإن مذهبه الذي يصرح به هو انه متى امره الله تعالى بأمر أو رسوله عليه السلام قال لا اقبل شيئا من هذا الكلام إذ لعل له تأويلا على العموم إذ لعلك أردت به بعض ما يقع عليه فاعرفوا الآن ان هذا هو الكفر الصريح والخرج عن السلام جهارا لابد منه أو من الرجوع إلى طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والائتمار بالقرآن والسنن وأخذها على ما هي عليه في اللغة العربية والعمل بما جاء الأمر الأمر فيهما فهذا هو الإسلام فعليكم به وارفضوا ما خالفه ما ذكرنا قبل ففيه لاح - بحمد الله تعالى - افك القائلين بالخصوص أو بالوقف قال فصل في بيان العموم والخصوص قال علي: الكلام ينقسم ثلاثة أقسام: فمنه خصوص يراد به الخصوص بقوله:
زيد وعمرو وما أشبه ذلك، وعموم يراد به العم، ومعنى ذلك حمله على كل ما يقتضيه لفظه، فمنه ما يكون اسما لجنس يعم أنواع كثيرة كقوله تعالى: * (وجعلنا من الماء كل شئ حي) * فيقع تحت الحي المذكور الانس وأنواع الطير كلها، وأنواع ذوات الأربع كلها، وأنواع الهوام كلها، وقد خرج من هذا العموم الملائكة لاخبار الرسول صلى الله عليه وسلم
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»
الفهرست