الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٠١
إيجاب القران على من ساق الهدي، وسائر ما نزل في تلك الحجة من بيان شرائع الحج مما لم يكن نزل قبل ذلك، وبالله تعالى التوفيق، وصلى الله على محمد نبي الرحمة، وهادي الأمة وسلم.
فصل في الامر المؤقت بوقت محدود الطرفين، متى يجب أفي أوله أم في آخره؟
والامر المرتبط به بصفة ما، والامر المؤقت بوقت محدود الأول غير محدود الآخر، وفيه زيادات تتعلق بالفصل الذي أتممناه قبل هذا.
قال علي: أما الامر المرتبط بوقت لا فسحة فيه فغير جائز تعجيل أدائه قبل وقته، ولا تأخيره عن وقته، وذلكم ما ذكرنا قبل هذا من صيام شهر رمضان، فإن جاء نص بالتعويض منه وأدائه في وقت آخر، وقف عنده، وكان ذلك عملا آخر مأمورا به، وإن لم يأت بذلك نص ولا إجماع، فلا يجوز أن يؤدى بشئ منه في غير وقته.
وكذلك كل عمل مرتبط بوقت محدود الطرفين، كأوقات الصلوات وما جرى هذا المجرى، فلا يجوز أداء شئ من ذلك قبل دخول وقته، ولا بعد خروج وقته، ومن شبه ذلك بديون الآدميين لزمه أن يجيز صيام رمضان في شعبان قياسا على تعجيل ديون الناس قبل حلول أوقاتها، ولزمه أن يجيز تقديم الصلوات قبل وقتها قياسا على ذلك، وعلى ما أجازوا من تعجيل الزكاة قبل حلول وقتها، فبعضهم قال:
بثلاثة أعوام، وبعضهم قال: بعام فأقل، وبعضهم قال: الشهر والشهرين ونحو ذلك، وبعضهم فرق متحكما، فأجاز تعجيل الزكاة التي في الأموال قبل الحول بشهر أو شهرين، ومنع من شهرين ونصف، وأجاز في تعجيل زكاة الفطر اليوم واليومين ومنع من ثلاثة أيام، وهذا قول يكفي من بطلانه سماعه، لأنه حكم بلا إذن من الله عز وجل، وفرق بلا دليل.
قال علي: ولا فرق بين ما أجاز أداء الامر بعد انقضاء وقته، وبين من أجازه قبل دخول وقته هذا على أن بعضهم قد أجاز للمريض الذي يخاف تغير عقله تعجيل الصلاة قبل وقتها، فإذا ادعوا أن الاجماع منعهم من ذلك أكذبهم قول
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»
الفهرست