الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٣٨
في الركوع والرفع فرضا، وقد جاء به الامر، ورأوا النية في الوضوء فرضا، ولم يروا فعل الاستنثار فرضا، وبكل ذلك جاء الامر سواء، ورأوا الخيار قبل التفرق في البيع فرضا، ولم يروا الاشهاد فيه فرضا، وبكل ذلك جاء الامر. ومثل هذا كثير: ورأوا الايتاء من مال الله للمكاتب فرضا ولم يروا كتابة من دعا إلى المكاتبة مما ملكت أيمانكم فرضا، وكلاهما جاء به الامر مجيئا مستويا، وفيم ذكرنا طرف يستدل به على تناقض من قال بالوقف وبالله تعالى التوفيق.
وقد ذكرنا أقسام الأوامر في كتاب التقريب فأغنى عن إعادتها، وسنذكر إن شاء الله تعالى الدلائل المخرجة للامر عن موضوعه في الايجاب إلى سائر أقسامه، في فصل آخر باب العموم التالي لكلامنا في هذا إن شاء الله عز وجل، وبالله تعالى التوفيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والله الموفق للصواب.
الباب الثالث عشر في حمل الامر وسائر الألفاظ كلها على العموم وإبطال قول من قال في كل ذلك بالوقف أو الخصوص، إلا ما أخرجه عن العموم دليل حق قال علي: اختلف الناس في هذا الباب، فقالت طائفة: لا تحمل الألفاظ إلا على الخصوص، ومعنى ذلك حملها على بعض ما يقتضيه الاسم في اللغة دون بعض، وقال بعضهم: بل نقف فلا نحملها على عموم ولا خصوص إلا بدليل، فالقول الأول هو لبعض الحنفيين، وبعض المالكيين، وبعض الشافعيين، والثاني لبعض الحنفيين، وبعض المالكيين وبعض الشافعيين، وقالت طائفة: الواجب حمل كل لفظ على عمومه، وهو كل ما يقع عليه لفظه المرتب في اللغة للتعبير عن المعاني الواقعة تحته، ثم اختلفوا على قولين، فقالت طائفة منهم: إنما يفعل ذلك بعد أن ينظر هل خص ذلك اللفظ شئ أم لا، فإن وجدنا دليلا على ذلك صرنا إليه، وإلا حملنا اللفظ على عمومه دون أن نطلب على العموم دليلا، وهذا قول عض الشافعيين وبعض الحنفيين.
وقالت طائفة الواجب حمل كل لفظ على عمومه، وكل ما يقتضيه اسمه دون توقف ولا نظر، لكن إن جاءنا دليل يوجب أن نخرج عن عمومه بعض ما يقتضيه
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»
الفهرست