الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٣٧
قال علي: وهذا ما لا يعرفه حامل لغة من العرب. وقد قال تعالى: * (ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) * أفترى ذر في هذا المكان موجبة ترك الكفارة، دون وعظ ودعاء إلى الايمان وقتل موسى وإغرام جزية وصغار وقال في قوله تعالى:
* (كتب عليكم القتال وهو كره لكم) * و: * (كتب عليكم القصاص) * و: * (وكتب عليكم الصيام) * هذه فرائض وقالوا في قوله: * (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين) * فقالوا: ليس هذا فرضا، مع أمره عليه السلام من عنده شئ يوصي فيه: أن لا يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده، ففرقوا بلا دليل وقالوا في قوله تعالى: * (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى) * هذا فرض وفي قوله تعالى: * (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام) * قالوا: هذا فرض وكذلك قالوا في هدي العمرة وجزاء الصيد، وقالوا بفرض التكبير في أول الصلاة والتسليم منها ذلك فرض، وقالوا في حكم المصراة ذلك فرض، وقالوا في التقويم على الشريك المعتق ذلك فرض، وأوجبوا الزكاة في أموال الصغار بعموم قوله تعالى: * (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) * وبقوله عليه السلام: إن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، ولم يوجبوا صدقة الفطر فرضا وقد جاء النص بأنه عليه السلام فرضها، وهي داخلة في جملة قوله عليه السلام: إن عليهم صدقة وفي جملة قوله تعالى: * (خذ من أموالهم صدقة وأو جبوا الزكاة في الزيتون بقوله تعالى: * (والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمرة إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده) * ولم يروها في الرمان، وقد ذكرهما تعالى في الآية ذكرا واحدا، وأوجبوا غسل الاناء من ولوغ الكلب سبعا لو ورد الامر بذلك فقط.
وأما الحنفيون فإنهم رأوا ألا تقف المرأة مع الرجل في الصلاة فرضا، ورأوا الاستسعاء فرضا، ولم يروا الايتاء من مال الله للمكاتب فرضا ولا مكاتبة من دعا إلى المكاتبة فرضا وكل ذلك مأمور به، ورأوا تمتيع المطلقة التي لم تمس ولم يفرض لها صداق فرضا بقوله: * (فمتعوهن) * ولم يروا ذلك فرضا لسائر المطلقات وقد قال تعالى: * (وللمطلقات متاع بالمعروف) * ومثل هذا كثير.
ورأى الشافعيون: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فرضا، ولم يروا التكبير
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»
الفهرست