الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٣٤
فصل في ورود حكمين بنقل يدل لفظه على أنهما في أمر واحد لا أمرين قال علي: روي أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضا وهو يقول: احترقت، وأنه وصف أنه وطأ امرأته وهو صائم، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بكفارة موصوفة، وروي من تلك الطريق بعينها أن رجلا أفطر في رمضان، فأمره عليه السلام بتلك الكفارة بعينها، وذكر باقي الحديث الأول، فعلمنا بذلك أنهما حديث واحد، لان الرواة لهذا هم أولئك الذين رووا بأي شئ كان الافطار، وسياق الحديثين واحد، فصح أن بعض الرواة عن الزهري فسر القصة وهم: سفيان، ومعمر، والليث، والأوزاعي، ومنصور بن المعتمر، وعراك بن مالك، وأن بعضهم عن الزهري أجملها، وهم مالك، وابن جريج، إلا أنهم كلهم عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قال علي: وليس هكذا حديث السارقة والمستعيرة، لان الوطئ في حال الصوم إفطار صحيح، يقع عليه في الشريعة اسم إفطار على الحقيقة، ولا يقع على السارق اسم مستعير جاحدا البتة، ولا يقع على المستعير الجاحد اسم البتة.
وأيضا فقد روى حديث قطع المستعيرة ابن عمر، ولم يذكر سرقة وإنما ذكر أمر السرقة عن عائشة فصح أنهما حديثان متغايران، وهذا أيضا ما تعلق به المانعون من المسح على العمامة في حديث المغيرة فقالوا: ذكره المسح على العمامة هو حديث واحد مع الذي فيه ذكر المسح على الناصية والعمامة.
قال علي: وهذا خطأ، لان الوضوء لم يكن مرة واحدة منه عليه السلام، بل كانت آلافا من المرار، فمن ادعى أن ذلك كله وضوء واحد في وقت واحد، فقد دخل تحت الكذب، والقول بما لا يعلم، وهذا لا يحل لمسلم.
وأيضا فقد روى المسح على العمامة والخمار - من لم يذكر مسحا على الناصية أصلا وهم: سلمان، وبلال، وكعب بن عجرة، وعمرو بن أمية الضمري، لا سيما المالكيين المانعين من الاقتصار على المسح للناصية فقط، فإنهم لا متعلق لهم
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»
الفهرست