الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٢٧
الكلام على عمومه، فإذا قام دليل على أنه أراد به الخصوص صرنا إليه، ولا خلاف بين المسلمين في أن قوله تعالى: * (أو لحم خنزير) * واقع على إناث الخنازير كوقوعها على ذكورها بنفس اللفظ للنوع كله.
وقد اعترض بعضهم بحديث ذكروه من طريق أم سلمة رضي الله عنها فيه:
أن النساء شكون وقلن ما نرى الله تعالى يذكر إلا الرجال فنزلت: * (إن المسلمين والمسلمات الآية.
قال علي: وهذا حديث لا يصح البتة، ولا روي من طريق يثبت، حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، قال أحمد بن عبد البصير: ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، ثنا محمد بن بشار بندار، ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا شعبة، عن حصين قال: سمعت عكرمة يقول: قالت أم عمار: يا رسول الله يذكر الرجال في القرآن ولا يذكر النساء، قال فنزلت * (ان المسلمين والمسلمات) * الآلة . قال علي: وهذا مرسل كما نرى لا تقوم به حجة، وثناه أيضا محمد بن سعيد النباتي، ثنا أحمد بن عبد البصير، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا الخشني، ثنا محمد بن المثنى، حدثنا مؤمل، ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قالت أم سلمة: يذكر الرجال في الهجرة ولا نذكر، فنزلت: * (انى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر وأنثى وقالت أم سلمة: يا رسول الله لا نقطع الميراث ولا نغزو في سبيل الله فنقتل، فنزلت: * (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض وقالت أم سلمة: يذكر الرجال ولا نذكر، فنزلت: * (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات) * قال علي: ويقال إن التفسير لم يسمعه ابن أبي نجيح من مجاهد، ثنا بذلك يحيى بن عبد الرحمن، عن أحمد بن دحيم، عن إبراهيم بن حماد، عن إسماعيل بن إسحاق، ولم يذكر مجاهد سماعا لهذا الخبر عن أم سلمة، ولا يعلم له منها سماع أصلا، وإنما صح أنهن قلن: يا رسول الله غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوما، فجعل لهن عليه السلام يوما وعظهن فيه وأمرهن بالصدقة، وكذلك صح ما روي في خطبته عليه السلام في العيد، وأمره النساء أن يشهدن، ثم رأى عليه السلام أنه لم يسمعهن فأتاهن فوعظهن قائما، أتاهن عليه السلام إذ خشي أنهن لم يسمعن وإلا فقد كان يكفيهن جملة كلامه على المنبر.
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست