الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٢٨
قال أبو محمد: والصحيح من هذا ما حدثناه عبد الله بن يوسف بالسند المتقدم ذكره إلى مسلم، حدثنا يونس بن عبد الاعلى الصدفي، وأبو معن الرقاشي، وأبو بكر نافع، وعبد الله بن حميد، قال هؤلاء الثلاثة: ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، ثنا أفلح بن سعيد، حدثنا عبد الله بن رافع، وقال يونس بن عبد الاعلى: ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو - هو ابن الحار ث أن بكيرا حدثه عن القاسم بن عباس الهاشمي، عن عبد الله بن رافع، مولى ابن أم سلمة، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كنت أسمع الناس يذكرون الحوض ولم أسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان يوما من ذلك والجارية تمشطني، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيها الناس، فقلت للجارية: استأخري عني، قالت: إنما دعا الرجال ولم يدع النساء، فقلت إني من الناس، ثم ذكرت الحديث.
قال علي: في هذا بيان دخول النساء مع الرجال في الخطاب الوارد بصيغة خطاب الذكور.
قال أبو محمد: واحتج بعضهم بقوله تعالى: * (ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات) * فالجواب وبالله التوفيق: أنه لا ينكر التأكيد والتكرار، وقد ذكر الله تعالى الملائكة ثم قال: * (وجبريل وميكال) * وهما من الملائكة ويكفي من هذا ما قدمناه من أوامر القرآن المتفق على أن المراد بهذا الرجال والنساء معا بغير نص آخر، ولا بيان زائد إلا اللفظ، وكذلك قوله: * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) * بيان جلي على أن المراد بذلك الرجال والنساء معا، لأنه لا يجوز في اللغة أن يخاطب الرجال فقط، بأن يقال لهم وإنما كان يقال من أنفسكم فإن قالوا: قد تيقنا أن الرجال مرادون بالخطاب الوارد بلفظ الذكور، ولم نوقن ذلك في النساء، فالتوقف فيهن واجب، قيل له: قد تيقنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوث إليهن كما هو إلى الرجال، وإن الشريعة التي هي الاسلام لازمة لهن كلزومها للرجال، وأيقنا أن الخطاب بالعبادات والاحكام متوجه إليهن، كتوجهه إلى الرجال إلا ما خصهن أو خص الرجال منهن دليل، وكل هذا يوجب ألا يفرد الرجال دونهن بشئ قد صح اشتراك الجميع فيها إلا بنص أو إجماع وبالله تعالى التوفيق.
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست