الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٠٦
فهو وقتها بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك السكران لقوله تعالى * () * فإن قالوا: فبأي شئ تأمرون من تعمد ترك صلاة حتى خرج وقتها، وتعمد ترك صوم رمضان في غير عذر - من سفر أو مرض أو غير ذلك مما جاء فيه نص أو إجماع؟ قلنا لهم وبالله تعالى التوفيق: نأمرهم بما أمرهم به ربهم عز وجل إذ يقول: * (إن الحسنات يذهبن السيئات) * وبما يقول لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم إذ يقول: إن من فرط في صلاة فرض جبرت يوم القيامة من تطوعه وكذلك الزكاة وكذلك سائر الأعمال، فأمره بالتوبة والندم والاستغفار والاكثار من التطوع، ليثقل ميزانه يوم القيامة، ويسد ما ثلم منه، وأما أن نأمره بأن يصلي صلاة ينوي بها ظهرا، لم يأمره الله عز وجل به أو عصرا لم يأت به نص، أو نأمره بصيام يوم على أنه من رمضان وهو من غير رمضان فمعاذ الله من ذلك. فإذن كنا نكون متعدين بين يدي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وآمرين له بأن يعمل غير ما أمره الله تعالى به بل ما قد نهاه عنه.
ثم نسألهم فنقول: هذا الذي تعمد ترك صلاة أو صوم، ثم أمرتموه بقضائه أقضى ما أمره الله تعالى من ذلك كما أمر أم لا؟ فإن قالوا: نعم كذبوا، وهم لا يقولون ذلك، وإن قالوا: لا أقروا بأنهم أمروه أن يؤدي العمل على غير ما أمره الله تعالى به فإن سألونا بمثل ذلك في ناسي الصلاة والنائم عنها، والمفطر لسفر أو مرض؟
قلنا لهم: قد أدى ما أمره الله تعالى به كما أمره، وفي الوقت الذي أمره الله تعالى به، ولا ندري أقبل منه أم لا؟ وكذلك كل عمل يعمله في وقته ولا فرق، ولو صح الحديث في إيجاب القضاء على عامد الافطار لقلنا به، ولكنه لم يصح إنما رواه عبد الجابر بن عمر، ومن هو مثله في الضعف، فإن قالوا: أنتم تأمرون الولي بأن يصوم عنه إن مات، ولا توجبون عليه أن يصوم عن نفسه.
قال علي: فنقول: كذبتم، إنما قلنا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات وعليه صيام صام عنه وليه ومعنى عليه صيام، عليه أن يصوم، لان الصيام مصدر، تقول: صام يصوم صياما وصوما، فإنما هذا فيمن مات وعليه أن يصوم
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»
الفهرست