الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٦٦
قوله تعالى: * (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما) * فبدأ بالجماعة، ثم خاطب خطاب واحد، وقد صح أن المراد بهذا الخطاب كل مسلم، والحكم على الأسماء فكل اسم حكم فيه عليه السلام فهو على كل ما تحت ذلك النوع الذي يقع عليه ذلك الاسم.
قال علي: وهم أولى الناس بالهروب عن هذا السؤال، لأنهم أتوا إلى حديث الواطئ في رمضان، وهو المأمور بما يجب في ذلك من الكفارة فلم يقنعوا بأن جعلوه عاما لكل واطئ حتى تعدوا فجعلوه على كل آكل وشارب، ثم على كل موطوءة وآكلة وشاربة من الناس، وأتوا إلى حديث الميت في إحرامه فقالوا:
لا يتعدى به ذلك الميت بعينه، وأتوا إلى أمره صلى الله عليه وسلم في غسل ابنته فقالوا: هو عام لكل ميتة، وأتوا إلى صلاته على قبر المسكينة فقالوا: هو خاص لتلك المسكينة ولهم من مثل هذا أزيد من ألف حكم كلها ينقض بعضها بعضا.
والعجب كل العجب في قياسهم إفطارا على إفطار، فجعلوا في الاكل الكفارة كالواطئ، ولم يقيسوا صياما على صيام، فلم يروا على المفطر عمدا في قضاء رمضان كفارة ولا على المفطر في قضاء النذر أيضا، وليس شئ من ذلك إجماعا، لان إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير، لا يريان الكفارة على الواطئ، وأصحاب الشافعي كلهم لا يرون الكفارة على المفطر بغير الوطئ، وقتادة يرى الكفارة على المفطر في قضاء رمضان كهي على المفطر في رمضان، ولا فرق لأنه فرض وفرض، وصوم وصوم، وفطر وفطر.
وقد ادعى قوم في أحاديث وردت أنها خصوص، مثل حديث رضاع سالم.
قال علي: وليس كما قالوا، بل كل رضاع فمحرم بظاهر القرآن، إلا ما استثني بالسنة، من الأربع رضعات فأقل، وأما رضاع سالم فقد قال قوم: إنما كان حكما في التبني، والتبني قد نسخ بقوله تعالى: * (ادعوهم لآبائهم) * فلما سقط التبني سقط الحكم المر تبط به، ولما لم يعلم أي الامرين كان قبل: أحديث سالم أم قوله صلى الله عليه وسلم: الرضاعة من المجاعة؟ وجب الاخذ بالزائد على معهود الأصل وكان قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الرضاعة من المجاعة مع قوله تعالى:
* (والوالدات يرضعن أولادهن حولين لمن أراد يتم الرضاعة) * زائدا
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست