الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٦٧
على معهود الأصل في التحريم بعموم الرضاع فوجب الاخذ بالزائد.
قال علي: بل حديث سالم هو الزائد فيلزم الاخذ به، لان قوله تعالى: * (يرضعن أولادهن حولين لمن أراد أن يتم الرضاعة) * مسقط لحكم ما زاد على الحولين، فصار حديث سالم زائدا على الآية، وحاكما بتمادي التحريم بالرضاعة أبدا وما ندري في المصائب أطم من قول من عصى النبي صلى الله عليه وسلم في التحريم برضاع سالم، وسمع وأطاع لتحريم برضاع شهرين بعد الحولين فقط، ولتحريم أبي حنيفة برضاع ستة أشهر بعد الحولين فقط ولا حولا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قال علي: ومما يبين قولنا قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بردة في الأضحية بعناق جذعة: تجزيك ولا تجزي جذعة عن أحد بعدك، فبين صلى الله عليه وسلم أن هذا الحكم خصوصا لأبي بردة ولو كان فتياه لواحد لا يكون فتيا في نوع تلك الحال لما احتاج عليه السلام إلى بيان تخصيصه، ومثله قوله تعالى: * (خالصة لك من دون المؤمنين) * فخرج عليه السلام في نكاحه في جملة قوله تعالى: * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * ومثله أمره تعالى بقوله: * (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) * فخرج بذلك عليه السلام من جملة قوله صلى الله عليه وسلم: إن هذه الصلاة لا يحل فيها شئ من كلام الناس.
وقد تناقض أبو يوسف فرأى قوله تعالى: * (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة خصوصا له عليه السلام ولم ير قوله تعالى: * (خذ من أموالهم صدقة) * خصوصا له عليه السلام. وهذا تناقض ظاهر، وصلاة الخوف لازمة لنا لقوله صلى الله عليه وسلم:
صلوا كما ترني أصلي، وأخذ الزكاة لازمة للأمة لقوله صلى الله عليه وسلم: أرضوا مصدقيكم، وبقوله عليه السلام: فمن سألها عن وجهها فليعطها ومن سئل أكثر منها فلا يعطها فإذا سألها أولو الامر المأمور في القرآن بطاعتهم بقوله تعالى: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) * لزم فرض أدائها إليهم، وكذلك أمره تعالى بقتال المشركين حتى يعطوا الجزية موجب كل ذلك على الأئمة قبضها وإرسال السعاة والولاة فيها.
وأما خصوص لفظ في نوع يراد به نوع آخر فهذا خطأ لا سبيل إليه، وهو
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست