الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٧١
قوله تعالى: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) * منقول عن الاقتصار على الأب وعلى الأجداد من الأب والام وإن بعدوا، إلى الآباء من الرضاعة والأجداد من الرضاعة لقوله عليه السلام: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب كما دل نص أيضا على نقل اسم الأب إلى العم في قوله حاكيا عن القائلين : * (نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق) * وإنما كان إسماعيل عما لا أبا، ولم يجب من أجل هذا أن ننقل اسم أب في المواريث إلى الجد من الام أصلا، وكما دل النقل المتواتر أيضا على نقل اسم ابن في قوله تعالى: * (وحلائل آبائكم الذين من أصلابكم) * عن لاقتصار على الابن وبني البنين وبني البنات، وإن بعدوا، إلى البنين من الرضاعة أيضا، ولم يجب من ذلك أن ننقل اسم الابن في المواريث إلى ابن الرضاعة، وبني البنات، ولا يحجب بابن الرضاعة ولا ببني البنات الام عن الثلث ولا الزوج عن النصف، ولا الزوجة عن الربع إلى السدس والربع والثمن، ولم يوجب شئ مما ذكرنا أن ننقل اسلام عن الوالدات اللاتي حملن الانسان في بطونهن في كل حكم إلى أمهات الرضاعة، لان العلم واجب ضرورة بأن الناس ماتوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهم بنو البنات والأجداد من قبل الأمهات، وكذلك من الرضاعة، فلم يرث أحد منهم شيئا بالنقل عن الكواف عصرا عصرا، وكم يجب إذا خص الجد من الأب والابن من الولادة، والام من الولادة بالميراث أن يتعدى ذلك فيخص بعض الوالدات، وبعض الأبناء، وبعض الأجداد بلا دليل، ولذلك ورثنا الجد للأب إذا لم يكن هنالك أب دون الاخوة ولأنه متفق على أنه في تلك الفرائض والاخوة مختلف فيهم ولا نص في ذلك، فلزم ألا نورث أحدا بلا نص ولا إجماع، وهم الاخوة، ولزم أن يورث الجد لأنه متفق على أنه يرث في تلك الفرائض مع النص على أنه أب، وكان يلزم من يقول بالخصوص أن يخرج بعض النبيين على أن يورثهم مع سائر النبيين قياسا على الاجماع في ألا يورث بنو البنات، لأنهم بنون، ولا يحرم على آباء أمهاتهم نكاح حلائلهم، ومن قال إن الجدة قيست على الام في التحريم لزمه أن يقيسها عليها في التوريث، وإلا كان متناقضا، وبالله تعالى التوفيق.
فصح بما ذكرنا أن إخراج الأسماء عن مواضعها إذا قام دليل من الأدلة التي
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست