الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٢٧٨
تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) *.
قال علي: وما ندري ماذا تأدى إليهم في هذا اللفظ من إيجاب الخطبة.
ويقولون إن الصيام في الاعتكاف فرض، إذا سئلوا عن برهان ذلك قالوا:
ذكر الله تعالى الاعتكاف إثر ذكر الصيام، وعلى هذا فكل شريعة ففرض ألا تتم إلا بضم كل شريعة في القرآن إليها، فلا حج لمن لم يصل. ولا صلاة لمن أفطر في رمضان، ولا نكاح لمن لا يقسط في اليتامى، فينفسخ نكاحه مع امرأته، لان الله تعالى عطف النكاح على أمر اليتامى فقال تعالى: * (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) * لأنها كلها معطوف بعضها على بعض.
ثم قالوا: في قوله تعالى: * (وأتموا الحج ولعمرة لله ليست العمرة فرضا، وقد عطفها تعالى على الحج عطفا شركها به معه في الاتمام، ولم يعطف الاعتكاف على الصيام، ولا الصيام على الاعتكاف، وإنما عطف النهي عن المباشر في حال الاعتكاف على أحكام الصيام، عطف جملة على جملة، لا عطف اشتراك.
ثم قالوا في قوله تعالى في قسمة الخمس: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان) * الآية فقالوا: ليس هذا فرضا، وللامام أن يضع الخمس حيث رأى من مصالح المسلمين، هذا وهم يسمعون الله تعالى يقول في قسمة الخمس على من سمى: (ان كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا) وقالوا في آية الصدقات وقد قال تعالى في آخرها: * (فريضة من الله) * فقالوا ليست فريضة لهؤلاء فمن أضل ممن جعل الخطبة والصيام في الاعتكاف فرضا ولم يأت به أمر، ولا ندب، وأسقط إيجاب ما سماه الله تعالى فريضة، وقال فيه:
(ان كنتم آمنتم بالله) وأما المالكيون فإنهم احتجوا في عتق الأخ يملكه أخوه بقوله تعالى: * (إني لا أملك إلا نفسي وأخي) * وما عقل قط ذو لب وجوب عتق الأخ من هذه الآية كما لم يعقل وجوب صلاة الظهر منها، وأسقطوا النفقة على الوارث بآرائهم وقد قال تعالى: (وعلى المولود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست