الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٢٨٩
آنفا: ان كل ما ذكر فيها فرض افتداء المرأة من زوجها فرض، وإن مراجعة المطلق ثلاثا للمطلقة بعد طلاق الزوج الثاني لها فرض، وإن قصر الصلاة فرض، وإن طلاق المرأة قبل أن تمس فرض، وإن تصالحهما على فطام ا لولد قبل الحولين فرض، وكذلك سائر ما في تلك الآية.
قال علي: وإنما واجبنا السعي بينهما فرضا لحديث أبي موسى الأشعري، إذ أمره عليه السلام بالطواف بينهما، ولولا ذلك الحديث ما كان السعي بينهما فرضا، لا في عمرة ولا في حج، وبالله تعالى التوفيق.
وإنما قلنا أيضا: بوجوب القصر فرضا لقوله عليه السلام، فاقبلوا صدقته وبأحاديث أخر صح بها وجوب قصرها.
وكل لفظ ورد ب‍ (عليكم) فهو فرض، وكل أمر ورد بلكم أو بأنه صدقة فهو ندب، لان علينا إيجاب، ولنا صدقة إنما معناها الهبة، وليس قبول الهبة فرضا إلا أن يؤمر بقبولها فيكون حينئذ فرضا، ومما تحل به الأوامر على الندب أن يرد استثناء يعقبه في تخيير المأمور، مثل قوله تعالى في الديات: * (الا ان تصدقوا وفي وجوب الصداق (الا ان يعفون) وفي قضاء الدين (وان تصدقوا خير لكم) وما أشبه ذلك وهذا معلوم كله بموضوع اللغة ومراتبها وبالله التوفيق فصل في حمل الأوامر والاخبار على ظواهرها قال علي: ذهب قوم ممن بلح عندما أراد من نصر ما لم يأذن الله تعالى بنصره من التقليد الفاسد، واتباع الهوى المضل - إلى أن قالوا: لا نحمل الألفاظ من الأوامر والاخبار على ظواهرها، بل هي على الوقف وقال بعضهم - وهو بكر البشري -: إنما ضلت الخوارج بحملها القرآن على ظاهره، واحتج بعضهم أيضا بأن قال: لما وجدنا من الألفاظ ألفاظا مصروفة عن ظاهرها ووجدنا قول القائل: إنك سخي، وإنك جميل، قد تكون على الهزؤ، والمراد إنك قبيح،
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست