الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٢٩٤
خاطبنا بها، لا يحل أن نتعدى بألفاظها عن موضوعاتها إلى ما سواه أصلا.
أخبرني يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري كتابا إلي، حدثنا سعيد بن نصر، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا محمد بن وضاح، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا محمد بن جعفر قال: أخبرنا هشام، عن عروة، عن أبيه، قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأول شيئا من القرآن إلا آيا بعدد أخبره بهن جبريل عليه السلام.
قال علي: فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتأول شيئا من القرآن إلا بوحي فيخرجه عن ظاهرة التأويل، فمن فعل خلاف ذلك فقد خالف الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد نهى تعالى وحرم أن يقال عليه ما لم يعلمه القائل، وإذا كنا لا نعلم إلا ما علمنا، فترك الظاهر الذي علمناه وتعديه - إلى تأويل لم يأت به ظاهر آخر - حرام وفسق ومعصية لله تعالى، وقد أنذر الله تعالى وأعذر فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها . حدثنا حمام بن أحمد قال: حدثنا محمد بن يحيى بن مفرج، حدثنا ابن الأعرابي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر عن جعفر بن برقان قال:
قال أبو هريرة: يا ابن أخي إذا حدثت بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تضرب له الأمثال، وصدق أبو هريرة رضي الله عنه ونصح. وبالله تعالى التوفيق.
فصل في الأوامر، أعلى الفور هي أم على التراخي قال القائلون: إن الأوامر على التراخي، وقال آخرون: فرض الأوامر البدار إلا ما أباح التراخي فيها نص آخر أو إجماع.
قال علي: وهذا هو الذي لا يجوز غيره، لقول الله تعالى: * (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) * وقال تعالى: * (فاستبقوا الخيرات) * وقد قدمنا أن أوامر الله تعالى على الوجوب، فإذا أمرنا تعالى بالاستباق إلى الخيرات، والمسارعة إلى ما يوجب المغفرة، فقد ثبت وجوب البدار إلى ما أمرنا به ساعة ورود الامر
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»
الفهرست