حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ١ - الصفحة ٤١
التطهير به قولا لأشهب إنما هو رواية له عن مالك. قوله: (لاتفاقهما على عدم انفكاك الماء عن مخالطة الريق) أي واختلافهما بعد ذلك في الحكم حيث قال ابن القاسم بجواز التطهير به. وقال أشهب بمنع ذلك (قوله اعتبر صدق إلخ) أي واختلاطه بالريق لا يخرجه عن كونه طهورا (قوله والمانع اعتبر المخالطة في الواقع). أورد عليه بأن الماء إذا خالطه شئ لا يسلبه الطهورية إلا إذا غيره وأشهب قد أطلق في عدم التطهير به، وأجيب بأن هذا في الماء الكثير وما يوضع في الفم قليل جدا فشأنه التغير بأدنى شئ.
والحاصل أن ابن القاسم يقول: اختلاط ذلك الماء الموضوع في الفم بالريق لا يخرجه عن كونه طهورا لصدق حد المطلق عليه، وأشهب يقول: إن اختلاطه بالريق يخرجه عن صدق حد المطلق عليه لأنه قليل جدا فشأنه أن يتغير بما خالطه من الريق، ثم إن هذا الخلاف مقيد بقيدين: الأول أن يخرج الماء من الفم غير متغير بالريق تغيرا ظاهرا. والثاني أن لا يطول مكثه في الفم زمنا يتحقق أنه حصل من الريق مقدار لو كان من غير الريق لغيره، فإذا انتفى الأول بأن غلبت لعابية الفم على الماء لانتفى الخلاف وجزم بعدم التطهير، وكذا لو انتفى الثاني بأن طال المكث وحصلت به مضمضة. لا يقال:
على جعل الخلاف حقيقيا يعترض على المصنف بأن هذه المسألة من أفراد قوله سابقا وفي جعل المخالط الموافق كالمخالف. لأنا نقول: المسألة السابقة جزم فيها بالمخالطة دون هذه فتأمل. قوله: (أو في حال) أي أو منظور فيه لحال وصفة فابن القاسم حكم بالجواز نظرا لحالة لو نظر لها أشهب لقال بقوله، وأشهب حكم بعدم الجواز نظرا لحالة لو نظر لها ابن القاسم لقال بقوله. قوله: (وهو المعتمد) أي لقول المحققين به كح وطفي قوله: (وإن لم يحصل ظن) أي بالتغير. وقوله: بأن تحقق عدم التغير أي أو ظن عدم التغير أو شك فيه. قوله: (أي استعمال إلخ) إنما قدره لان الكراهة حكم شرعي والاحكام إنما تتعلق بالأفعال لا بالذوات، وحاصل ما ذكره أن الماء إذا استعمل في رفع حدث أو في إزالة حكم خبث فإنه يكره استعماله بعد ذلك في طهارة حدث أو أوضية أو اغتسالات مندوبة لا في إزالة حكم خبث والكراهة مقيدة بأمرين: أن يكون ذلك الماء المستعمل قليلا كآنية الوضوء والغسل وأن يوجد غيره وإلا فلا كراهة، كما أنه لا كراهة إذا صب على الماء اليسير المستعمل ماء مطلق غير مستعمل، فإن صب عليه مستعمل مثله حتى كثر لم تنتف الكراهة على ما استظهره ح وابن الإمام التلمساني لان ما ثبت للاجزاء يثبت للكل، واستظهر ابن عبد السلام نفيها، وعليه فلو فرق حتى صار كل جزء يسيرا فهل تعود الكراهة أو لا؟ وهو الظاهر لأنها زالت ولا موجب لعودها كذا قيل، وقد يقال: بل له موجب وهو القلة والحكم يدور مع علمته وجودا وعدما. واعلم أنه يقال نظير ما قيل هنا في الماء القليل الذي خولط بنجس ولم يغيره وعللت الكراهة في مسألة المصنف بعلل لا تخلو عن ضعف والراجح في التعليل مراعاة الخلاف فإن أصبغ يقول بعدم الطهورية كالشافعي، وما ذكره المصنف من الكراهة هو تأويل الأكثر لقول الإمام ولا خير فيه، وتأوله ابن رشد على المنع وعلى الكراهة فقال ح: وإن استعمله مع وجود غيره فهل يعيد في الوقت أو لا إعادة عليه؟ لم أر في ذلك نصا والظاهر أنه لا إعادة عليه. قال: والكراهة لا تستلزم
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب أحكام الطهارة 30
2 فصل الطاهر ميت مالا دم له الخ 48
3 فصل في إزالة النجاسة 65
4 فصل يذكر فيه أحكام الوضوء 84
5 فصل ندب لقاضي الحاجة جلوس الخ 104
6 فصل نقض الوضوء بحدث الخ 114
7 فصل يجب غسل ظاهر الجسد الخ 126
8 فصل رخص لرجل وامرأة وان مستحاضة بحضر أو سفر مسح جورب الخ 141
9 فصل في التيمم 147
10 فصل في مسح الجرح أو الجبيرة 162
11 فصل في بيان الحيض 167
12 باب الوقت المختار 175
13 فصل في الاذان 191
14 فصل شرط الصلاة 200
15 فصل في ستر العورة 211
16 فصل في استقبال القبلة 222
17 فصل فرائض الصلاة 231
18 فصل يجب بفرض قيام الخ 255
19 فصل وجب قضاء فائتة الخ 263
20 فصل في سن سجود السهو 273
21 فصل في سجود التلاوة 306
22 فصل في بيان حكم النافلة 312
23 فصل في بيان حكم صلاة الجماعة 319
24 فصل في الاستخلاف 349
25 فصل في أحكام صلاة السفر 358
26 فصل في الجمعة 372
27 فصل في حكم صلاة الخوف 391
28 فصل في أحكام صلاة العيد 396
29 فصل في صلاة الكسوف والخسوف 401
30 فصل في حكم صلاة الاستسقاء 405
31 فصل ذكر فيه أحكام الجنائز 407
32 باب الزكاة 430
33 فصل ومصرفها فقير ومسكين الخ 492
34 فصل في زكاة الفطر 504
35 باب في الصيام 509
36 باب في الاعتكاف 541