مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٦٥
(فاضلا) أيضا (عن مسكنه) اللائق به المستغرق لحاجته، (و) عن (عبد) يليق به، و (يحتاج إليه لخدمته) لمنصب أو عجز كما يستعان في الكفارة، وعلى هذا لو كان معه نقد يريد صرفه إليهما مكن منه. والثاني: لا يشترط، بل يباعان قياسا على الدين. ومحل الخلاف إذا كانت الدار مستغرقة لحاجته وكانت سكنى مثله والعبد يليق به كما قررت به كلام المصنف. فأما إذا أمكن بيع بعض الدار ولو غير نفيسة ووفى ثمنه بمؤنة الحج، وكانا نفيسين لا يليقان بمثله، ولو أبدلهما لو في التفاوت بمؤنة الحج فإنه يلزمه ذلك جزما ولو كانا مألوفين، بخلافه في الكفارة لا يلزمه بيعهما في هذه الحالة لأن لها بدلا. والأمة كالعبد ولو كانت للمتمتع. قال الأسنوي: وكلامهم يشمل المرأة المكفية بإسكان الزوج وإخدامه، وهو متجه لأن الزوجية قد تنقطع فتحتاج إليهما، وكذا المسكن للمتفقهة الساكنين ببيوت المدارس والصوفية بالربط ونحوهما اه‍. والأوجه ما قاله ابن العماد من أن هؤلاء مستطيعون لاستغنائهم في الحال فإنه المعتبر، ولهذا تجب زكاة الفطر على من كان غنيا ليلة العيد وإن لم يكن معه ما يكفيه في المستقبل. ويؤيد ذلك أنهم لما تكلموا على استحباب الصدقة بما فضل عن حاجته قال الزركشي هناك: إن المراد بالحاجة حاجة اليوم والليلة كما اقتضاه كلام الغزالي في الاحياء، فلم يعتبروا حاجته في المستقبل. ويشترط كون ما ذكر فاضلا أيضا عن كتب العالم إلا أن يكون له من تصنيف واحد نسختان فيبيع إحداهما، وحكم خيل الجندي وسلاحه ككتب الفقيه كما قاله ابن الأستاذ، وهذان يجريان في الفطرة. والحاجة إلى النكاح لا تمنع الوجوب، لكن الأفضل لخائف العنت تقديم النكاح ولغيره تقديم النسك. (و) الأصح (أنه يلزمه صرف مال تجارته إليهما) أي الزاد والراحلة وما يتعلق بهما، ويلزم من له مستغلات يحصل منها نفقته أن يبيعها ويصرفها لما ذكر في الأصح، كما يلزمه صرف ما ذكر في دينه، ويخالف المسكن والخادم فإنه يحتاج إليهما في الحال، وما نحن فيه من إنما يتخذ ذخيرة للمستقبل، والثاني: لا يلزمه ما ذكر لئلا يلتحق بالمساكين. وإطلاق المصنف وغيره يقتضي أنه لا فرق بين أن يكون له كسب أو لا، وهو كذلك، وإن قال الأسنوي فيه بعده: قال في الاحياء: من استطاع الحج ولم يحج حتى أفلس فعليه الخروج إلى الحج، وإن عجز للافلاس فعليه أن يكتسب قدر الزاد، فإن عجز فعليه الخروج ويسأل الزكاة والصدقة ويحج، فإن لم يفعل ومات مات عاصيا. (الثالث) من شروط الاستطاعة: (أمن الطريق) ولو ظنا في كل مكان بحسب ما يليق به، (فلو خاف) في طريقه (على نفسه) أو عضوه أو نفس محترمة معه أو عضوها (أو ماله) ولو يسيرا، وينبغي كما قال بعض المتأخرين تقييده بما لا بد منه للنفقة والمؤن. أما إذا أراد استصحاب مال خطير للتجارة وكان الخوف لأجله فليس بعذر. (سبعا أو عدوا أو رصديا) بفتح الصاد المهملة وسكونها، وهو من يرصد: أي يرقب من يمر ليأخذ منه شيئا. (ولا طريق) له (سواء، لم يجب الحج) عليه لحصول الضرر. والمراد بالأمن الامن العام، حتى لو كان الخوف في حقه وحده قضى من تركته كما نقله البلقيني عن النص. وجزم في الكفاية بأنه إذا كان الخوف في حق الواحد والنفر القليل لم يمنع الوجوب، ولا فرق في الذي يخاف منه بين المسلمين، والكفار، لكن إن كانوا كفارا وأطاق الخائفون مقاومتهم سن لهم أن يخرجوا للنسك ويقاتلوهم لينالوا ثواب النسك والجهاد، وإن كانوا مسلمين لم يسن لهم الخروج والقتال. فإن قيل: إذا كان الكفار مثلينا أو أقل لم لا يجب قتالهم كما صرحوا به في باب السير، لأنه يحرم انصرافنا عنهم حينئذ؟ أجيب بأن ذلك عند التقاء الصفين وهذا بخلافه. ويكره بذل المال للرصدي لما فيه من التحريض على التعرض للناس، سواء أكان مسلما أم كافرا. فإن قيل: قد قيدوا تخصيص الكراهة في باب الاحصار بالكافر. أجيب بأن محلها هناك بعد الاحرام، وبذل المال على المحرم أسهل من قتال المسلمين، وهذا قبله، فلم تكن حاجة لارتكاب الذل، وعارض الكراهة هناك استمرار البقاء على الاحرام. نعم إن كان المعطي هو الامام أو نائبه وجب الحج، نقله المحب الطبري عن الامام. قال في المهمات: وسكت عن الأجنبي، والقياس عدم الوجوب للمنة اه‍. وهذا هو الظاهر خلافا لابن العماد. أما إذا كان له طريق آخر آمن فإنه يلزمه سلوكه وإن كان أبعد من الأول. (والأظهر)
(٤٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532