مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٧٧
الكلام، وأن يدخل وقت الخلوة أو يتكلف إخلاء الحمام إن قدر على ذلك، فإنه وإن لم يكن فيه إلا أهل الدين فالنظر إلى الأبدان مكشوفة فيه شوب من قلة الحياء، وأن يستغفر الله تعالى ويصلي ركعتين بعد خروجه منه، فقد كانوا يقولون:
يوم الحمام يوم إثم. ويكره دخوله قبيل الغروب وبين العشاءين لأنه وقت انتشار الشياطين، وللصائم. ومن جهة الطب صب الماء البارد على الرأس وشربه عند خروجه منه، ولا بأس بدلك غيره إلا عورة أو مظنة شهوة. قال في المجموع: ولا بأس بقوله لغيره: عافاك الله، ولا بالمصافحة. ويسن لمن يخالط الناس التنظف بالسواك وإزالة شعر وريح كريهة وحسن الأدب معهم.
باب النجاسة:
وفي الباب إزالتها، ولو ذكره في الترجمة أو اقتصر عليه كما في التنبيه لكان أولى لأنه اللائق بكتاب الطهارة. وإزالة النجاسة متوقفة على معرفة النجاسة فتذكر تبعا، وهي لغة كل ما يستقذر، وشرعا: مستقذر يمنع من صحة الصلاة حيث لا مرخص. وعرفها بعضهم بكل عين حرم تناولها مطلقا في حالة الاختيار مع سهولة تمييزها وإمكان تناولها لا لحرمتها ولا لاستقذارها ولا لضررها في بدن أو عقل، فاحترز بمطلقا عما يباح قليله كبعض النباتات السمية، وبحالة الاختيار عن حالة الضرورة فيباح فيها تناول النجاسة، وبسهولة تمييزها عن دود الفاكهة ونحوها فيباح تناوله معها، وهذان القيدان للادخال لا للاخراج، وبإمكان تناولها عن الأشياء الصلبة كالحجر، وبالبقية عن الآدمي وعن المخاط ونحوه، وعن الحشيشة المسكرة والسم الذي يضر قليله وكثيره والتراب فإنه لم يحرم تناولها لنجاستها، بل حرمة الآدمي واستقذار المخاط ونحوه وضرر البقية. قال الزركشي: واعلم أن الاخراج بعدم الاستقذار مضر، فإنه وإن أخرج المخاط ونحوه فإنه يخرج غالب النجاسات من العذرة والبول والقئ والقيح ونحو ذلك، فإنها مستقذرة وحرمت لاستقذارها وكلها نجسة. وعرفها المصنف كأصله بالعد فقال: (هي كل مسكر مائع) لكن ظاهره حصرها فيما عده، وليس مرادا، لأن منها أشياء لم يذكرها وسأنبه على بعضها، فلو ذكر لها ضابطا إجماليا كما تقدم لكان أولى، بل قال ابن النقيب: فيما ذكره تجوز لأن النجاسة حكم شرعي فكيف تفسر بالأعيان بل ما ذكر حد للنجس لا للنجاسة اه‍. وشملت عبارة المصنف الخمر، وهي المتخذة من ماء العنب ولو محترمة وبباطن عنقود ومثلثة وهي المغلي من ماء العنب حتى صار على الثلث، والنبيذ: وهو المتخذ من ماء الزبيب أو نحوه. أما الخمر فلقوله تعالى: * (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس) * والرجس في عرف الشرع هو النجس صد عما عداها الاجماع فبقيت هي. واستدل على نجاستها الشيخ أبو حامد بالاجماع. وحمل على إجماع الصحابة، ففي المجموع عن ربيعة شيخ مالك أنه ذهب إلى طهارتها، ونقله بعضهم عن الحسن والليث. واستدل بعضهم على نجاستها بأنها لو كانت طاهرة لفات الامتنان بكون شراب الآخرة طهورا. وقد قال تعالى: * (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) *، أي طاهرا، وعبر بطهورا للمبالغة في طهارته بخلاف خمر الدنيا. وأما النبيذ فبالقياس على الخمر مع التنفير عن المسكر، وخالف في ذلك أبو حنيفة، ودليلنا ما ذكر. والخمر المحترمة قالا في الغصب: هي ما عصرت لا بقصد الخمرية، وفي الرهن: ما عصرت بقصد الخلية، والأول أوجه وأعم. والخمر مؤنثة وتذكيرها لغة ضعيفة وتلحقها التاء على قلة. والتقييد بالمائع من زيادته ذكر بغير تمييز، وخرج به البنج ونحوه من الحشيش المسكر فإنه ليس بنجس وإن كان حراما، قاله في الدقائق. فإن قيل:
كان ينبغي للمصنف أن يقيدها بالأصالة لئلا يرد عليه الخمر إذا جمدت والحشيشة إذا أذيبت. أجيب بأن الخمر مائعة في الأصل وقد حكم بنجاستها وهي مائعة ولم يحدث ما يطهرها بخلاف الحشيش المذاب.
فائدة: قال بعض المتعنتين: إن الكشك نجس لأنه يتخمر كالبوظة، ثم قال: وهل يكون جفافه كالتخلل في الخمر فيطهر أو يكون كالخمر المعقودة فلا يطهر؟ قال شيخي: لا اعتبار بقول هذا القائل، فإنه لو فرض أنه صار مسكرا لكان طاهرا لأنه ليس بمائع اه‍. ويؤخذ منه أن البوظة طاهرة، وهو كذلك. فإن قيل: كان ينبغي للمصنف أن يقول مسكر الجنس
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532