مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٢٣
عليه. (ومن سافر من البلد الآخر) أي الذي لم ير فيه (إلى بلد الرؤية عيد معهم) وجوبا لما مر، سواء أصام ثمانية وعشرين بأن كان رمضان أيضا عندهم ناقصا فوقع عيده معهم في التاسع والعشرين من صومه، أم تسعة وعشرين بأن كان رمضان تاما عندهم. (وقضي يوما) إن صام ثمانية وعشرين لأن الشهر لا يكون كذلك، بخلاف ما إذا صام تسعة وعشرين لا قضاء عليه لأن الشهر يكون كذلك. (و) على الأصح (من أصبح معيدا فسارت سفينته) مثلا (إلى بلدة بعيدة أهلها صيام فالأصح أنه يمسك بقية اليوم) وجوبا لما مر. والثاني: لا يجب إمساكه لأنه لم يرد فيه أثر، وتجزئة اليوم الواحد بإمساك بعضه دون بعض بعيد. ورد الرافعي الاستبعاد المذكور بيوم الشك إذا ثبت الهلال في أثنائه فإنه يجب إمساك باقيه دون أوله. ورده السبكي بأن تبعيض الحكم في يوم الشك في الظاهر، وأما في مسألتنا فهو تبعيض ظاهرا أو باطنا بالنسبة إلى حكم البلدين فيكون كما لو أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو بلغ الصبي وهو مفطر فإنه لا يلزمهم الامساك على الأصح، وتتصور المسألة بأن يكون ذلك يوم الثلاثين من صوم البلدين، لكن المنتقل إليهم لم يروه، وبأن يكون التاسع والعشرين من صومهم لتأخر ابتدائه بيوم.
فائدة: في مسند الدارمي وصحيح ابن حبان: أن النبي (ص) كان يقول عند رؤية الهلال: الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والايمان، والسلامة والاسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربنا وربك الله. وفي أبي داود كان يقول: هلال خير ورشد مرتين، آمنت بمن خلقك ثلاث مرات. ويسن أن يقرأ بعد ذلك سورة تبارك لاثر فيه، ولأنها المنجية الواقية، قال السبكي: وكان ذلك لأنها ثلاثون آية بعدد أيام الشهر، ولان السكينة تنزل عند قراءتها، وكان (ص) يقرؤها عند النوم.
فصل: في أركان الصوم: وأركانه ثلاثة كما مر: نية، وإمساك عن المفطرات، وصائم. وعبر عنها المصنف بالشروط مشيرا إلى أولها بقوله: (النية شرط للصوم) لقوله (ص): إنما الأعمال بالنيات ومحلها القلب، ولا تكفي باللسان قطعا، ولا يشترط التلفظ بها قطعا كما قاله في الروضة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أنه لو تسحر ليتقوى على الصوم لم يكن ذلك نية، وبه صرح في العدة. والمعتمد أنه لو تسحر ليصوم، أو شرب لدفع العطش نهارا، أو امتنع من الاكل أو الشرب أو الجماع خوف طلوع الفجر كان ذلك نية إن خطر بباله الصوم بالصفات التي يشترط التعرض لها لتضمن كل منها قصد الصوم. (ويشترط لفرضه) أي الصوم من رمضان أو غيره كقضاء أو نذر (التبييت) وهو إيقاع النية ليلا لقوله (ص): من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له رواه الدارقطني وغيره وصححوه، وهو محمول على الفرض بقرينة خبر عائشة الآتي. ولا بد من التبييت لكل يوم، لظاهر الخبر، ولان صوم كل يوم عبادة مستقلة لتخلل اليومين مما يناقض الصوم كالصلاة يتخللها السلام. وكلام المصنف قد يخرج الصبي المميز فإنه لا فرض عليه، والمعتمد كما في المجموع تبعا للروياني وغيره أنه كالبالغ في ذلك. قال الروياني:
وليس لنا صوم نفل يشترط فيه التبييت إلا هذا. ويؤخذ من تعبير المصنف بالشرط أنه لو شك هل كانت نيته قبل الفجر أو بعده لم يصح صومه، وهو كذلك كما صرح به في المجموع لأن الأصل عدم تقدمها. ولو نوى ثم شك هل طلع الفجر أو لا صح لأن الأصل بقاء الليل. ولو شك نهارا هل نوى ليلا ثم تذكر ولو بعد مضي أكثر النهار أجزأه صومه، فإن لم يتذكر بالنهار لم يجزه لأن الأصل عدم النية ولم تنجبر بالتذكر نهارا. ومقتضى هذا أنه لو تذكر بعد الغروب لم يجزه، والظاهر الاجزاء كما قاله الأذرعي. ولو شك بعد الغروب هل نوى أو لا ولم يتذكر لم يؤثر أخذا من قولهم في صوم الكفارة: إنه لو شك بعد الغروب هل نوى أو لا أجزأه، وهذا هو المعتمد، والفرق بينه وبين الصلاة فيما إذا شك
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532