مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٢٧
الحائض) أو النفساء في الليل (صوم غد قبل انقطاع دمها ثم انقطع) دمها (ليلا صح) صومها بهذه النية (إن تم) لها (في الليل أكثر الحيض) أو النفاس، لأنها جازمة بأن غدها كله طهر، وسواء أكانت مبتدأة أم غيرها. لكن كلامه يوهم اشتراط الانقطاع، وليس مرادا، لأنه متى تم في الليل أكثر الحيض صحت نيتها وإن لم ينقطع الدم، لأن الزائد على أكثر الحيض استحاضة وهي لا تمنع الصوم. وإنما ذكره المصنف لأجل قوله: (وكذا) إن تم لها (قدر العادة) التي هي دون أكثر الحيض أو النفاس، فإنه يصح صومها بتلك النية (في الأصح) لأن الظاهر استمرار العادة سواء اتحدت أم اختلفت واتسقت ولم تنس اتساقها، بخلاف ما إذا لم يكن لها عادة ولم يتم أكثر الحيض أو النفاس ليلا أو كان لها عادة مختلفة غير متسقة أو متسقة ونسيت اتساقها ولم يتم أكثر عاداتها ليلا، لأنها لم تجزم ولا بنت على أصل ولا أمارة. ثم شرع في الركن الثاني معبرا عنه بالشرط كما تقدم التنبيه عليه، وبهذا يسقط ما يقيل إن المصنف جعل النية شرطا والامساك شرطا فلا حقيقة للصوم فإنه لا شئ فيه غير النية والامساك، فإذا كانا شرطين فأين الصوم؟ فقال:
فصل: شرط الصوم: أي شرط صحته من حيث الفعل (الامساك عن الجماع) بالاجماع ولو بغير إنزال، ولقوله تعالى: * (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) * والرفث الجماع. نعم في إتيان البهيمة أو الدبر إذا لم ينزل خلاف، فقيل:
لا يفطر، بناء على أن فيه التعزير فقط. (والاستقاءة) لخبر ابن حبان وغيره: من ذرعه القئ أي غلب عليه وهو صائم فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض. هذا إذا كان عالما بالتحريم عامدا مختارا لذلك، فإن كان جاهلا لقرب عهده بالاسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء أو ناسيا أو مكرها فإنه لا يفطر. ومال في البحر إلى أن الجاهل يعذر مطلقا، والمعتمد خلافه كما قيده القاضي حسين بما ذكر. (والصحيح أنه لو تيقن أنه لم يرجع شئ إلى جوفه) بالاستقاءة كأن تقايأ منكسا، (بطل) صومه بناء على أن المفطر عينها كالانزال لظاهر الخبر، ووجه مقابله البناء على أن المفطر رجوع شئ مما خرج وإن قل. (وإن غلبه القئ فلا بأس) أي لم يضر للخبر المار، (وكذا لو اقتلع نخامة) من الباطن، وهي الفضلة الغليظة التي يلفظها الشخص من فيه، ويقال لها أيضا النخاعة بالعين. (ولفظها) أي رماها، فلا بأس بذلك (في الأصح) سواء أقلعها من دماغه أم من باطنه لأن الحاجة إليه تتكرر فرخص فيه، والثاني: يفطر به كالاستقاءة.
ورجح في الروضة والمجموع القطع بالأول، واحترز بقوله: اقتلع عما لو لفظها مع نزولها بنفسها أو بغلبة سعال فلا بأس به جزما، وب‍ لفظها عما إذا بقيت في محلها فإنه لا يفطر جزما، وعما إذا ابتلعها بعد أن خرجت إلى الظاهر فإنه يفطر جزما.
(فلو نزلت من دماغه وحصلت في حد الظاهر من الفم) بأن انصبت من الدماغ في الثقبة النافذة منه إلى أقصى الفم فوق الحلقوم، (فليقطعها من مجراها وليمجها) إن أمكن حتى لا يصل شئ إلى الباطن. (فإن تركها مع القدرة) على ذلك (فوصلت الجوف أفطر في الأصح) لتقصيره، والثاني: لا يفطر لأنه لم يفعل شيئا، وإنما أمسك عن الفعل، فلو لم تصل إلى حد الظاهر من الفم، وهو مخرج بالخاء المعجمة وكذا الحاء المهملة كما قاله المصنف خلافا للرافعي بأن كانت في حد الباطن وهو مخرج الهاء والهمزة أو حصلت في حد الظاهر ولم يقدر على قطعها ومجها لم يضر. (و) الامساك (عن وصول العين) وإن قلت كسمسمة أو لم تؤكل كحصاة، (إلى ما يسمى جوفا) لأن الصوم هو الامساك عن كل ما يصل إلى الجوف.
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532