مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٦٣
خاتمة: يندب إدامة الوضوء، ويسن لقراءة القرآن أو سماعه، أو الحديث أو سماعه أو روايته، أو حمل كتب التفسير، أو الحديث أو الفقه وكتابتها فيكره مع الحدث، ولقراءة علم شرعي وإقرائه، ولأذان وجلوس في مسجد أو دخوله، وللوقوف بعرفة وللسعي، ولزيارة قبر الرسول (ص) أو غيره، ولنوم ويقظة وعند أكل وشرب لنحو جنب كحائض بعد انقطاع حيضها ووطئ الجنب، قال (ص): إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا رواه مسلم، وزاد البيهقي: فإنه أنشط للعود. وفي الصحيحين: كان (ص) إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة، وكان (ص) إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة. وقيس بالجنب الحائض والنفساء إذا انقطع دمهما، وبالأكل والشرب، والحكمة في ذلك تخفيف الحدث غالبا والتنظيف، وقيل: لعله ينشط للغسل. فلو فعل شيئا من ذلك بلا وضوء كره له، نقله في شرح مسلم عن الأصحاب، قال: وأما طوافه (ص) على نسائه بغسل واحد فيحتمل أنه كان يتوضأ بينهما أو تركه بيانا للجواز. ويسن من مس ميت وحمله، أو من فصد وحجم وقئ، أو أكل لحم جزور، وقهقهة مصل وكل مس ولمس أو نوم اختلف في نقضه للوضوء، ومن لمس الرجل والمرأة بدن الخنثى أو أحد قبلية، وعند الغضب وكل كلمة قبيحة، ولمن قص شاربه أو حلق رأسه، ولخطبة غير الجمعة.
والمراد بالوضوء الوضوء الشرعي لا اللغوي. ولا يندب للبس ثوب وصوم وعقد نكاح وخروج لسفر ولقاء قادم وزيارة والد وصديق وعيادة مريض وتشييع جنازة وأكل وشرب لغير نحو جنب، ولا لدخول سوق ولا لدخول على نحو أمير، وقد تقدمت الإشارة إلى بعض هذه الأمور، وكلما كرر الشئ حلا، وازداد وضوحا وانجلى.
باب مسح الخف لما كان الواجب في الوضوء غسل الرجلين والمسح بدل عنه عقب به باب الوضوء ولم يبوب له في المحرر، وذكره الرافعي عقب التيمم لأنهما مسحان يبيحان الصلاة، ولو عبر كالتنبيه بالخفين لكان أولى، إذ لا يجوز غسل رجل ومسح أخرى، ولكنه أراد الجنس لا التوحيد، وأخباره كثيرة، كخبر ابني خزيمة وحبان في صحيحيهما عن أبي بكرة: أنه (ص) أرخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما، وعن جرير بن عبد الله البجلي أنه قال: رأيت رسول الله (ص) بال ثم توضأ ومسح على خفيه متفق عليه. وقال الترمذي: وكان يعجبهم - يعني أصحاب عبد الله، حديث جرير لأن إسلامه كان بعد نزول المائدة، لأنها نزلت سنة ست، فلا يكون الامر الوارد فيها بغسل الرجلين ناسخا للمسح كما صار إليه بعض الصحابة. وروى ابن المنذر عن الحسن البصري أنه قال: حدثني سبعون من الصحابة أن النبي (ص) مسح على الخفين. وقال بعض المفسرين: إن قراءة الجر في قوله تعالى: * (وأرجلكم) * للمسح على الخف.
ثم النظر في شرطه وكيفيته وحكمه، وقد أخذ في بيانها فقال: (يجوز) المسح على الخفين لا على خف رجل مع غسل أخرى كما مر لو مر ولو في الخف، كما بحثه الأسنوي. وللأقطع لبس خف في السالمة، إلا إن بقي بعض المقطوعة فلا يكفي ذلك حتى يلبس ذلك البعض خفا. ولو كانت إحدى رجليه عليلة بحيث لا يجب غسلها لم يجز إلباس الأخرى الخف ليمسح عليه إذ يجب التيمم عن العليلة فهي كالصحيحة. وإنما يجوز المسح (في الوضوء) بدلا عن غسل الرجلين، فالواجب على لابسه الغسل أو المسح. وأشار ب‍ يجوز إلى أنه لا يجب ولا يسن ولا يحرم ولا يكره، وإلى أن الغسل أفضل كما قاله في الروضة في آخر صلاة المسافر. نعم إن ترك المسح رغبة عن السنة أو شكا في جوازه، أي لم تطمئن نفسه إليه، لأنه شك هل يجوز له فعله أو لا، أو خاف فوت الجماعة أو عرفة أو إنقاذ أسير أو نحو ذلك، فالمسح أفضل، بل يكره تركه في الأولى، وكذا القول في سائر الرخص، واللائق في الأخيرتين الوجوب كما بحثه الأسنوي. ولو كان لابس الخف بشرطه محدثا ودخل الوقت وعنده ما يكفي المسح فقط، فعن الروياني وجوبه. وتفقهه ابن الرفعة - وهو فقه حسن - بخلاف ما لو أرهقه الحدث وهو متطهر ومعه ما يكفيه لو
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532