مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٩٤
التيمم اه‍. والأولى حمل ذلك على ما إذا كان بفعله أو انتقل عن محله كما يؤخذ من كلامه في منهجه وشرحه. (والأظهر العفو عن قليل دم الأجنبي) من نفسه كأن انفصل منه ثم عاد إليه ومن غير نحو الكلب، (والله أعلم) لأن جنس الدم يتطرق إليه العفو فيقع القليل منه في محل المسامحة. قال في الام: والقليل ما تعافاه الناس، أي عدوه عفوا، وعن القديم يعفى عما دون الكف، أما دم نحو الكلب فلا يعفى عن شئ منه لغلظه كما صرح به في البيان ونقله عنه في المجموع وأقره، وكذا لو أخذ دما أجنبيا ولطخ به بدنه أو ثوبه فإنه لا يعفى عن شئ منه لتعديه بذلك، فإن التضمخ بالنجاسة حرام. (والقيح والصديد) وتقدم بيانهما في باب النجاسة (كالدم) فيما ذكر لأنهما دمان استحالا إلى نتن وفساد، (وكذا ماء القروح والمتنفط الذي له ريح) كالدم قياسا على القيح والصديد، (وكذا بلا ريح في الأظهر) قياسا على الصديد الذي لا رائحة له. والثاني:
أنه طاهر لأنه كالعرق، ولذا قال المصنف: (قلت: المذهب طهارته) قطعا (والله أعلم) لما مر.
تنبيه: محل العفو عن سائر الدماء ما لم يختلط بأجنبي، فإن اختلط به ولو دم نفسه كأن خرج من عينه دم أو دمت لثته لم يعف عن شئ منه. نعم يعفى عن ماء الطهارة إذا لم يتعمد وضعه عليها وإلا فلا يعفى عن شئ منه. قال المصنف في مجموعه في الكلام على كيفية المسح على الخف: لو تنجس أسفل الخف بمعفو عنه لا يمسح على أسفله لأنه لو مسحه زاد التلويث ولزمه حينئذ غسله وغسل اليد اه‍. واختلف فيما لو لبس ثوبا فيه دم نحو براغيث وبدنه رطب، فقال المتولي:
يجوز، وقال الشيخ أبو علي: لا يجوز، لأنه لا ضرورة إلى تلويث بدنه، وبه جزم المحب الطبري تفقها. ويمكن حمل كلام الأول على ما إذا كانت الرطوبة بماء وضوء أو غسل مطلوب لمشقة الاحتراز كما لو كانت بعرق، والثاني على غير ذلك كما علم مما مر. وينبغي أن يلحق بماء الطهارة ما يتساقط من الماء حال شربه أو من الطعام حال أكله أو جعل على جرحه دواء، لقوله تعالى: * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) *. (ولو صلى بنجس) لا يعفى عنه (لم يعلمه) في ابتداء صلاته ثم علم كونه فيها، (وجب القضاء في الجديد) لأن ما أتى به غير معتد به لفوات شرطه، والقديم لا يجب القضاء لعذره، ولحديث خلع النعلين في الصلاة، قال (ص): إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا رواه أبو داود، وقال الحاكم: إنه على شرط مسلم. وجه الدلالة منه أنه لم يستأنف الصلاة، واختار هذا في المجموع. وأجاب الأول بأنه يحتمل أن يكون دما يسيرا، وأن يكون مستقذرا طاهرا، لأن المستقذر يطلق على النجس وعلى فعله، وفعله (ص) تنزها. وقيل: إن اجتناب النجاسة لم يكن حينئذ واجبا أول الاسلام، ومن حينئذ وجب، ويدل عليه حديث: وضع سلا الجزور على ظهره (ص) وهو يصلي بمكة ولم يقطعها. (وإن علم) بالنجس (ثم نسي) فصلى ثم تذكر في الوقت أو قبله أعادها، أو بعده (وجب القضاء على المذهب) المقطوع به لتفريطه بترك التطهير لما علم به، والطريق الثاني في وجوبه القولان لعذره بالنسيان. وحيث أوجبنا الإعادة فيجب إعادة كل صلاة تيقن فعلها مع النجاسة، فإن احتمل حدوثها بعد الصلاة فلا شئ عليه لأن الأصل في كل حادث تقدير وجوده في أقرب زمن، والأصل عدم وجوده قبل ذلك.
فائدة: قال في الأنوار: إذا صلى وفي ثوبه مثلا نجاسة ولم يعلم بها حتى مات، فالمرجو عن عفو الله عدم المؤاخذة، أي وقد مر أنه إذا صلى ناسيا للطهارة أنه يثاب على قصده لا فعله إلخ فيأتي هنا.
(فصل: تبطل) الصلاة (بالنطق) بكلام البشر بلغة العرب وبغيرها على ما سيأتي، (بحرفين) أفهما ك‍ قم ولو لمصلحة الصلاة كقوله: لا تقم أو اقعد أم لا ك‍ عن ومن لخبر مسلم عن زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت * (وقوموا
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532