مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٨٦
الموحدة إن خالط نجاسة جامدة كالروث لم يطهر وإن طبخ بأن صار آجرا، لعين النجاسة. وإن خالطه غيرها كالبول طهر ظاهره بالغسل، وكذا باطنه إن نقع في الماء ولو مطبوخا إن كان رخوا يصله الماء كالعجين، أو مدقوقا بحيث يصير ترابا ولو سقيت سكين أو طبخ لحم بماء نجس كفى غسلهما، ولا يحتاج إلى سقي السكين وإغلاء اللحم بالماء ولا إلى عصره على الأصح. فإن قيل: لما اكتفي بغسل ظاهر السكين ولم يكتف بذلك في الآجر؟ أجيب بأنه إنما لم يكتف بالماء في الآجر لأن الانتفاع به متأت من غير ملابسة له، فلا حاجة للحكم بطهارة باطنه من غير إيصال الماء إليه بخلاف السكين. ويطهر الزئبق المتنجس بغسل ظاهره إن لم يتخلل بين تنجسه وغسله تقطع وإلا لم يطهر كالدهن، لأنه لا ينقطع عند ملاقاة الماء على الوجه الذي يتقطع عند إصابة النجاسة، ولا ينجس إلا بتوسط رطوبة لأنه جاف، فلو وقع فيه فأرة فماتت ولا رطوبة لم ينجس. قاله ابن القطان: ويكفي غسل موضع نجاسة وقعت على ثوب ولو عقب عصره ولا يجب غسل جميعه، وكذا لو صب ماء على مكانها وانتشر حولها فلا يحكم بنجاسة محل الانتشار لأن الماء الوارد على النجاسة طهور ما لم يتغير ولم ينفصل لقوته لكونه فاعلا، فإن تغير تنجس كما مر، وإذا كان طهورا فيما ذكر، فإذا أداره في الاناء طهر. (ولو نجس مائع) غير الماء ولو دهنا، (تعذر تطهيره) إذ لا يأتي الماء على كله لأنه بطبعه يمنع إصابة الماء. (وقيل:
يطهر الدهن بغسله) قياسا على الثوب النجس. وكيفية تطهيره كما ذكره في المجموع أن يصب الماء عليه ويكاثره ثم يحركه بخشبة ونحوها بحيث يظن وصوله لجميعه ثم يترك ليعلو ثم يثقب أسفله، فإذا خرج الماء سد. قال في الكفاية: ومحل الخلاف فيما إذا تنجس الدهن بما لا دهنية فيه كالبول، فإن تنجس بما له دهنية كودك الميتة لم يطهر بلا خلاف. ودليل الأول خبر أبي داود وغيره: أنه (ص) سئل عن الفأرة تموت في السمن، فقال: إن كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فلا تقربوه وفي رواية للخطابي: فأريقوه. فلو أمكن تطهيره شرعا لم يقل فيه ذلك لما فيه من إضاعة المال. والجامد هو الذي إذا أخذ منه قطعة لا يتراد من الباقي ما يملا محلها عن قرب، والمائع بخلافه، ذكره في المجموع.
خاتمة: يندب أن يغسل غسلتين بعد الغسلة المزيلة لعين النجاسة لتكمل الثلاث، فإن المزيلة للنجاسة واحدة وإن تعددت كما مر في غسلات الكلب، لاستحباب ذلك عند الشك في النجاسة في حديث: إذا استيقظ أحدكم من نومه فعند تحققها أولى. وشمل في ذلك المغلظة، وبه صرح صاحب الشامل الصغير، فيندب مرتان بعد طهرها. وقال الجبلي في بحر الفتاوى في نشر الحاوي: لا يندب ذلك لأن المكبر لا يكبر كما أن المصغر لا يصغر، أي فتثلث النجاسة المخففة دون المغلظة، وهذا أوجه. وعلم مما تقرر أن النجاسة لا يشترط في إزالتها نية بخلاف طهارة الحدث، لأنها عبادة كسائر العبادات، وهذا من باب التروك كترك الزنا والغصب. وإنما وجبت في الصوم مع أنه من باب التروك لأنه لما كان مقصودا لقمع الشهوة ومخالفة الهوى التحق بالفعل. ويجب أن يبادر بغسل المتنجس عاص بالتنجيس كأن استعمل النجاسة في بدنه بغير عذر خروجا من المعصية، وإن لم يكن عاصيا به فلنحو الصلاة، ويندب أن يعجل به فيما عدا ذلك. وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين المغلظة وغيرها، وهو كذلك، وإن قال الزركشي ينبغي وجوب المبادرة بالمغلظة مطلقا، قال الأسنوي: والعاصي بالجنابة يحتمل إلحاقه بالعاصي بالتنجيس والمتجه خلافه، لأن الذي عصى به هنا متلبس به بخلافه، ثم وإذا غسل فمه المتنجس فليبالغ في الغرغرة ليغسل كل ما في حد الظاهر، ولا يبلع طعاما ولا شرابا قبل غسله لئلا يكون آكلا للنجاسة، نقله في المجموع عن الشيخ أبي محمد الجويني وأقره. ويغسل من رشاش غسلات الكلبية ستا إن أصابته في الأولى وإلا فالباقي من السبع، والمراد بغسلات النجاسة ما استعمل في واجب الإزالة، أما المستعمل في مندوبها فطهور، وما غسل به نجاسة معفو عنها كقليل الدم فالظاهر، كما قال ابن النقيب، أنه كغسالة الواجب.
باب التيمم هو لغة: القصد، يقال: تيممت فلانا ويممته وتأممته وأممته: أي قصدته، ومنه قوله تعالى: * (ولا تيمموا الخبيث منه
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532