مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٣٢
الفطر به كالشهادة على هلال شوال فهو قياس ما قالوه في القبلة والوقت والاذان. (ويجوز إذا ظن بقاء الليل) بالاجتهاد لأن الأصل بقاؤه. (قلت: وكذا لو شك) فيه (والله أعلم) لما ذكر. ولو أخبره عدل بطلوع الفجر لزمه الامساك. (ولو أكل باجتهاد أولا) أي أول النهار. (أو آخرا) أي آخر النهار، (وبان الغلط بطل صومه) لتحققه خلاف ما ظنه، إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه. (أو بلا ظن) كأن هجم وهو جائز في آخر الليل حراما في آخر النهار. (ولم يبن الحال صح إن وقع) الاكل (في أوله) لأن الأصل بقاء الليل، (وبطل) إن وقع الاكل (في آخره) لأن الأصل بقاء النهار. قال الشارح: ولا مبالاة بالتسمح في هذا الكلام لظهور المعنى المراد، أي وهو أنه أدى اجتهاده إلى عدم طلوع الفجر فأكل، أو إلى غروب الشمس فأكل.
(ولو طلع الفجر) الصادق (وفي فمه طعام فلفظه) أي رماه، (صح صومه) وإن سبق إلى جوفه منه شئ لأنه لو وضعه في فمه نهارا لم يفطر فبالأولى إذا جعله فيه ليلا. ومثل اللفظ ما لو أمسكه ولم يبلغ منه شيئا، واحترز به عما لو ابتلع منه شيئا باختياره فإنه يفطر. (وكذا) يصح صومه (لو كان) عند طلوع الفجر (مجامعا فنزع في الحال) لأن النزع ترك الجماع، فأشبه ما لو حلف لا يلبس ثوبا وهو لا يلبسه فنزعه، وسواء أنزل حال النزع أم لا، لتولده من مباشرة مباحة.
تنبيه: إتيان المصنف بفاء التعقيب بعد طلوع الفجر يعلم منه أن صورة المسألة أن يعلم بالفجر أول طلوعه فينزع على الفور. ويؤخذ منه بطريق الأولى ما لو أحس وهو مجامع بتباشير الصبح فنزع بحيث وافق آخر النزع ابتداء الطلوع، ويخرج به ما لو مضى زمن بعد طلوع ثم علم به فإنه يبطل صومه. ويشترط أن يقصد بالنزع الترك، فإن لم يقصده بطل صومه كما قال الشيخ أبو حامد وأبو محمد والامام وغيرهم. فإن قيل: كيف يعلم بأول طلوع الفجر لأن طلوعه الحقيقي متقدم على علمنا به؟ أجيب بأنا إنما تعبدنا بما نطلع عليه، ولا معنى للصبح إلا طلوع الضوء للناظر، وما قابله لا حكم له، فإذا كان الشخص عارفا بالأوقات ومنازل الفجر ورصد بحيث لا حائل فهو أول الصبح المعتبر. (فإن مكث بطل) صومه، أي لم ينعقد لوجود المنافي ولو لم يبق من الليل إلا ما يسع الايلاج لا النزع، فعن ابن خيران منع الايلاج، أي وهو الظاهر، وعن غيره جوازه. ثم شرع في الركن الثالث، وهو الصيام منبها على شروطه، فقال:
(فصل: شرط الصوم) أي شرط صحته من حيث الفاعل، (الاسلام) فلا يصح صوم الكافر بحال، أصليا كان أم غيره. (والعقل) أي التمييز، فلا يصح صوم المجنون والطفل غير المميز لفقدان النية، ويصح عن صبي مميز. (والنقاء عن الحيض والنفاس) فلا يصح صومهما بالاجماع كما في المجموع. ويشترط ما ذكر (جميع النهار) فلو طرأ في أثناء النهار ردة أو جنون أو حيض أو نفاس بطل صومه، وقد يفهم أنها لو ولدت ولم تر دما أنه لا يبطل الصوم، وليس مرادا بل الأصح كما في المجموع والتحقيق بطلانه لأنه لا يخلو عن بلل وإن قل، ولكن قال في المجموع: عدم البطلان أقوى، فإن المعتمد في الغسل كونه منيا منعقدا وخروجه بلا مباشرة لا يبطل الصوم اه‍. ومال إلى هذا ابن الرفعة. وقد جمعت بين الكلامين في باب الحيض فراجعه. ويحرم على الحائض والنفساء الامساك كما في الأنوار. (ولا يضر النوم المستغرق) لجميع النهار (على الصحيح) لبقاء أهلية الخطاب، والثاني: يضر كالاغماء. وفرق الأول بأن الاغماء يخرج على أهلية الخطاب بدليل سقوط ولايته على ماله وعدم وجوب قضاء الصلاة عليه، بخلاف النائم فيهما، فإن أفاق لحظة من النهار صح صومه جزما. (والأظهر) وفي الروضة: المذهب، (أن الاغماء لا يضر إذا أفاق لحظة من
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532