مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٢٩
وقد روى البيهقي: أنه (ص) كان يكتحل بالإثمد وهو صائم فلا يكره الاكتحال للصائم. (وكونه) أي الواصل (بقصد، فلو وصل جوفه ذباب أو بعوضة أو غبار الطريق أو غربلة الدقيق لم يفطر) وإن أمكنه اجتناب ذلك بإطباق الفم أو غيره لما فيه من المشقة الشديدة. ولو فتح فاه عمدا حتى دخل التراب جوفه لم يفطر أيضا لأنه معفو عن جنسه.
قال في المجموع: وشبهوه بالخلاف في العفو عن دم البراغيث المقتولة عمدا، وقضيته أن محل عدم الافطار به إذا كان قليلا، ولكن ظاهر كلام الأصحاب الاطلاق وهو الظاهر، وقد يفهم أنه لو خرجت مقعدة المبسور فردها قصدا أنه يفطر، والأصح كما في التهذيب والكافي أنه لا يفطر لاضطراره إليه كما لا يبطل طهر المستحاضة بخروج الدم.
فائدة: جمع المصنف الذباب وأفرد البعوضة مراعاة للفظ القرآن، قال تعالى: * (لن يخلقوا ذبابا) *، وقال تعالى: * (بعوضة فما فوقها) *.
فائدة أخرى: الغربلة إدارة الحب في الغربال لينتفي خبيثة ويبقى طيبه، وفي كلام العرب: من غربل الناس نخلوه، أي من فتش عن أمورهم وأصولهم جعلوه نخالة. وفي الحديث: كيف بكم وبزمان تغربل الناس فيه غربلة أي يذهب خيارهم ويبقى أراذلهم. (ولا يفطر ببلع ريقه من معدته) بالاجماع لعسر التحرز عنه، ومعدنه هو الذي فيه قراره، ومنه ينبع، وهو الحنك الأسفل تحت اللسان. (فلو خرج عن الفم) ولو إلى ظاهر الشفة (ثم رده) إليه بلسانه أو غيره (وابتلعه أو بل خيطا بريقه ورده إلى فمه) كما يعتاد عند الفتل، (وعليه رطوبة تنفصل) وابتلعها، (أو ابتلع ريقه مخلوطا بغيره) الطاهر، كأن فتل خيطا مصبوغا تغير به ريقه (أو) ابتلعه (متنجسا) كمن أكل شيئا نجسا ولم يغسل فمه قبل الفجر، أو دميت لثته ولم يغسل فمه، وإن ابيض ريقه ثم ابتلعه صافيا، (أفطر) في المسائل الثلاث. أما الأولى فلانه خرج عن معدنه وصار كالأعيان الخارجة، نعم لو أخرج لسانه وعليه الريق ثم رده وابتلع ما عليه فإنه لا يفطر على الأصح في الروضة وأصلها، وصحح في المجموع القطع به لأنه لم ينفصل عن الفم فإن اللسان كداخل الفم، خلافا لما صححه الرافعي في الشرح الصغير من الفطر. قال في الأنوار: ولو غسل السواك واستاك به - أي مع بقاء الرطوبة - فكالخيط. وأما في الثانية فلانه لا ضرورة إليه وقد ابتلعه بعد مفارقته المعدن. وأما في الثالثة فلانه أجنبي غير الريق. قال الأذرعي: ولا يبعد أن يقال من عمت بلواه بدم لثته بحيث يجري دائما أو غالبا أنه يسامح بما يشق الاحتراز منه، ويكفي بصقه الدم، ويعفى عن أثره اه‍. وهذا لا بأس به. (ولو جمع ريقه) ولو بنحو مصطكى، (فابتلعه لم يفطر في الأصح) لأنه لم يخرج عن معدنه فهو كابتلاعه متفرقا من معدنه، والثاني:
يفطر لأن الاحتراز عنه هين. واحترز بقوله: جمعه عما لو اجتمع بلا قصد كالمجتمع بكثرة الكلام فإنه لا يضر جزما.
(ولو سبق ماء المضمضة أو الاستنشاق) المشروع (إلى جوفه) من باطن أو دماغ (فالمذهب أنه إن بالغ) في ذلك (أفطر) لأن الصائم منهي عن المبالغة كما سبق في الوضوء. (وإلا) أي وإن لم يبالغ (فلا) يفطر، لأنه تولد من مأمور به بغير اختياره. وقيل: يفطر مطلقا لأنه وصل بفعله. وقيل: لا يفطر مطلقا لعدم الاختيار. أما سبق ماء غير المشروع، كأن جعل الماء في فمه أو أنفه لا لغرض أو سبق ماء غسل التبرد أو المرة الرابعة من المضمضة أو الاستنشاق فإنه يفطر لأنه غيرمأمور بذلك، بل منهي عنه في الرابعة، ولا يفطره ولا يمنعه من إنشاء صوم نفل سبق ماء تطهير الفم من نجاسة وإن بالغ فيه. (ولو بقي طعام بين أسنانه فجرى به ريقه) من غير قصد (لم يفطر إن عجز عن تمييزه
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532