مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٣٣
نهاره) أي لحظة كانت اتباعا لزمن الاغماء من الإفاقة، فإن لم يفق ضر. والثاني، وقطع به بعضهم: يضر مطلقا كالحيض. والثالث: عكسه كالنوم. والرابع: إن أفاق في أوله صح وإلا فلا، ومال إليه ابن الصلاح وصححه الغزالي والفارقي. وإنما اشترط الأول إفاقة لحظة لأن الاغماء في الاستيلاء على العقل فوق النوم ودون الجنون، فلو قلنا إن المستغرق منه لا يضر كالنوم لألحقنا الأقوى بالأضعف، ولو قلنا إن اللحظة منه تضر كالجنون لألحقنا الأضعف بالأقوى، فتوسطنا وقلنا إن الإفاقة في لحظة كافية. ولو شرب مسكرا ليلا، فإن أفاق في بعض نهاره فهو كالاغماء في بعض النهار، وإلا لزمه القضاء، كذا نقلاه وأقراه. قال الأسنوي: ويعلم منه الصحة في شرب الدواء، أي إذا أفاق في بعض النهار بطريق الأولى. ولو مات في أثناء النهار بطل صومه كما لو مات في أثناء صلاته، وقيل لا يبطل كما لو مات في أثناء نسكه. ويشترط لصحة الصوم قابلية الوقت، فيصح الصوم في أيام السنة كلها إلا ما ذكره في قوله: (ولا يصح صوم العيد) أي الفطر والأضحى ولو عن واجب، للنهي عنه في خبر الصحيحين وللاجماع. ولو نذر صومه لم ينعقد نذره، (وكذا التشريق) أي أيامه وهي ثلاثة بعد الأضحى لا يصح صومها (في الجديد) ولو لمتمتع، للنهي عن صيامها كما رواه أبو داود بإسناد صحيح، وفي صحيح مسلم عن النبي (ص): أيام منى أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى وفي القديم:
يجوز صومها للمتمتع إذا عدم الهدى عن الأيام الثلاثة الواجبة في الحج، واختاره المصنف لما رواه البخاري عن ابن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهما أنهما قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يضمن إلا لمن يجد الهدي. وسميت هذه الأيام بذلك لأن الناس يشرقون فيها لحوم الأضاحي والهدايا أي ينشرونها، وهي الأيام المعدودة التي أمر الله فيها بذكره. (ولا يحل) أي يحرم ولا يصح (التطوع) بالصوم (يوم الشك) لقول عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم (ص) رواه أصحاب السنن الأربعة، وصححه الترمذي وغيره، والمعنى فيه القوة على صوم رمضان. وضعفه السبكي بعدم كراهة صوم شعبان، وهو ممنوع لأن النفس إذا ألفت شيئا هان عليها، ولهذا كان صوم يوم وفطر يوم أفضل من استمرار الصوم كما سيأتي. وقال الأسنوي: المعروف المنصوص الذي عليه الأكثرون الكراهة لا التحريم، والمعتمد ما في المتن. هذا إذا صامه (بلا سبب) يقتضي صومه، (فلو صامه) تطوعا بلا سبب (لم يصح) صومه (في الأصح) كيوم العيد يجامع التحريم. والثاني: يصح لأنه قابل للصوم في الجملة كما قال. (وله صومه عن القضاء والنذر) والكفارة من غير كراهة على الأصح مسارعة لبراءة الذمة، ولان له سببا فجاز كنظيره من الصلاة في الأوقات المكروهة. وإطلاقه يتناول قضاء المستحب، وهو نظير ما قالوه في الأوقات المكروهة أن قضاء الفائتة فيها جائز وإن كانت نافلة، وصورة قضاء المستحب هنا أن يشرع في صوم نفل ثم يفسده فإنه يسن قضاؤه كما قاله في الروضة. (وكذا لو وافق عادة تطوعه) قال في المجموع: سواء أكان يسرد الصوم أم يصوم يوما معينا كالاثنين والخميس، أو يصوم يوما ويفطر يوما فوافق صومه يوم الشك فله صيامه، وذلك لخبر الصحيحين: لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه، وقيس بالورد الباقي بجامع السبب. ولا يشكل هذا الخبر بخبر: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا لتقدم النص على الظاهر. قال الأسنوي: ولو أخر صوما ليوقعه يوم الشك، فقياس كلامهم في الأوقات المنهي عن تحريمه، وسكت المصنف عن صومه عن رمضان احتياطا وهو ممتنع قطعا. فإن قيل: هلا استحب صومه إن أطبق الغيم خروجا من خلاف الإمام أحمد حيث قال بوجوب صومه حينئذ أجيب بأنا لا نراعي الخلاف إذا خالف سنة صريحة، وهي هنا خبر: فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين. (وهو) أي يوم الشك (يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث الناس برؤيته) أي بأن الهلال رؤي الليلة ولم يعلم من رآه ولم يشهد بها أحد. (أو شهد بها صبيان
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532