مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٥٩
وقال النسائي: ظاهر كلام الشيخين التسوية. وأفهم كلام المصنف أنه لو تقدم أو تأخر بركنين أحدهما قولي والآخر فعلي لا يضر، وهو كذلك، ومثله في الأنوار بالفاتحة والركوع. (وإلا) بأن كان التقدم بأقل من ركنين، سواء أكان بركن أم بأقل أم بأكثر، (فلا) تبطل صلاته لقلة المخالفة ولو تعمد السبق به لأنه يسير كعكسه، وله انتظاره فيما سبقه به كأن ركع قبله، فالرجوع إليه مستحب ليركع معه إن تعمد السبق جبرا لما فاته، فإن سها به تخير بين الانتظار والعودة والسبق بركن عمدا، كأن ركع ورفع والإمام قائم حرام، لخبر مسلم: لا تبادروا الإمام إذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وفي رواية صحيحة رواها الشيخان: أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل رأس الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار؟. ويؤخذ من ذلك أن السبق ببعض الركن، كأن ركع قبل الإمام ولحقه الإمام في الركوع أنه كالسبق بركن، وهو كذلك كما جرى عليه شيخنا. (وقيل: تبطل بركن) تام في العمد لمناقضته الاقتداء، بخلاف التخلف، إذ لا يظهر فيه فحش مخالفة.
فصل: في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما. (إذا خرج الإمام من صلاته) بحدث أو غيره (انقطعت القدوة) به لزوال الرابطة، وحينئذ فيسجد لسهو نفسه ويقتدي بغيره وغيره به. (فإن لم يخرج) أي الإمام ( وقطعها المأموم) بنية المفارقة بغير عذر، (جاز) مع الكراهة لمفارقته للجماعة المطلوبة وجوبا أو ندبا مؤكدا، بخلاف ما إذا فارقه لعذر فلا كراهة لعذره وصحت صلاته في الحالين لأنها إما سنة على قول فالسنن لا تلزم بالشروع إلا في الحج والعمرة، أو فرض كفاية على الصحيح، فكذلك إلا في الجهاد وصلاة الجنازة والحج والعمرة، ولان الفرقة الأولى فارقت النبي (ص) في ذات الرقاع كما سيأتي، وفي الصحيحين: أن معاذا صلى بأصحابه العشاء فطول عليهم، فانصرف رجل فصلى ثم أتى النبي (ص) فأخبره بالقصة فغضب وأنكر على معاذ ولم ينكر على الرجل ولم يأمره بالإعادة.
قال المصنف: كذا استدلوا به وهو استدلال ضعيف، إذ ليس في الخبر أنه فارقه وبنى، بل في رواية أنه سلم ثم استأنفها فهو إنما يدل على جواز الابطال لعذر. وأجيب بأن البيهقي قال: إن هذه الرواية شاذة انفرد بها محمد بن عبادة عن سفيان، ولم يذكرها أكثر أصحاب سفيان، ثم بتقدير عدم الشذوذ، أجيب بأن الخبر يدل على المدعى أيضا، لأنه إذا دل على جواز إبطال أصل العبادة فعلى إبطال صفتها أولى. واختلف في أي الصلاة كانت هذه القصة، ففي رواية لأبي داود والنسائي أنها كانت في المغرب، وفي رواية الصحيحين وغيرهما أن معاذا افتتح سورة البقرة، وفي رواية للإمام أحمد أنها كانت في العشاء، فقرأ: * (اقتربت الساعة) *. قال في المجموع: فيجمع بين الروايات بأن تحمل على أنهما قضيتان لشخصين، ولعل ذلك كان في ليلة واحدة، فإن معاذا لا يفعله بعد النهي، ويبعد أنه نسيه. وجمع بعضهم بين روايتي القراءة بأنه قرأ بهذه في ركعة وبهذه في أخرى. (وفي قول) قديم (لا يجوز) أن يخرج من الجماعة، لأنه التزم القدوة في كل صلاته وفيه إبطال للعمل، وقد قال تعالى: * (ولا تبطلوا أعمالكم) *. (إلا بعذر) فتبطل الصلاة بدونه.
وضبط الإمام العذر بما (يرخص في ترك الجماعة) أي ابتداء، وقال: إنه أقرب معتبر، وألحقوا به ما ذكره المصنف بقوله (ومن العذر تطويل الإمام) والمأموم لا يصبر على التطويل لضعف أو شغل لرواية الصحيحين في قصة معاذ أن الرجل قال: يا رسول الله إن معاذا افتتح سورة البقرة ونحن أصحاب نواضح نعمل بأيدينا فتأخرت وصليت. (أو تركه سنة مقصودة كتشهد) أول وقنوت فله فراقه ليأتي بتلك السنة.
تنبيه: لا يجوز قطع الجماعة في الركعة الأولى من الجمعة لما سيأتي بأن الجماعة في الركعة الأولى فيها شرط، وأما في الثانية فليست بشرط فيها، فيجوز الخروج فيها خلافا لما في الكفاية من عدم الجواز، ولو تعطلت الجماعة بخروجه وقلنا بأنها فرض كفاية، فينبغي كما قاله بعض المتأخرين عدم الخروج منها، لأن فرض الكفاية إذا انحصر في شخص
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532