مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٥٧
بعد سلام الإمام) ما فاته كالمسبوق، لما في مراعاة نظم صلاته في هذه الحالة من المخالفة الفاحشة. (ولو لم يتم) المأموم (الفاتحة لشغله بدعاء الافتتاح) أو التعوذ وقد ركع الإمام (فمعذور) في التخلف لا تمامها كبطئ القراءة فيأتي فيه ما مر.
تنبيه: قد علم مما مر أن المراد بالفراغ من الركن الانتقال عنه لا الاتيان الواجب منه، وأنه لا فرق بين أن يتلبس بغيره أم لا، وهو الأصح كما في التحقيق، وقيل: يعتبر ملابسة الإمام ركنا آخر. (هذا كله في) المأموم (الموافق) وهو من أدرك مع الإمام محل قراءة الفاتحة المعتدلة. أما المسبوق وهو بخلافه فهو ما بينه بقوله: (فأما مسبوق ركع الإمام في) أثناء قراءته (فاتحته فالأصح أنه إن لم يشتغل بالافتتاح والتعوذ) أو بأحدهما (ترك قراءته) لبقية فاتحته (وركع) معه لأنه لم تدرك غير ما قرأه، (وهو) بالركوع مع الإمام (مدرك للركعة) كما لو أدركه في الركوع فإن الفاتحة تسقط عنه ويركع معه ويجزئه، فإن تخلف بعد قراءة ما أدركه من الفاتحة لا تمامها وفاته الركوع معه وأدركه في الاعتدال بطلت ركعته لأنه لم يتابعه في معظمها وكان تخلفه بلا عذر فيكون مكروها، ولو ركع الإمام قبل فاتحة المسبوق فحكمه كما لو ركع فيها، ولو شك هل أدرك زمنا يسع الفاتحة أو لا لزمه قراءتها، لأن إسقاطها رخصة ولا يصار إليه إلا بيقين كما أفتى به شيخي. (وإلا) بأن اشتغل بالافتتاح أو التعوذ، (لزمه قراءة بقدره) أي بقدر حروفه من الفاتحة لتقصيره بعدوله عن فرض إلى نفل. والثاني: يوافقه مطلقا، ويسقط باقيها لحديث: وإذا ركع فاركعوا، واختاره الأذرعي تبعا لترجيح جماعة. والثالث: يتم الفاتحة مطلقا لأنه أدرك القيام الذي هو محلها فلزمته، فإن ركع مع الإمام على هذا. والشق الثاني من التفصيل وهو ما إذا اشتغل بالافتتاح أو التعوذ بطلت صلاته، وإن تخلف عن الإمام على الوجه الثاني وهو القائل بأنه يترك القراءة ويركع مع الإمام مطلقا. والشق الأول من التفصيل، وهو قوله: ما إذا لم يشتغل بالافتتاح والتعوذ لاتمام الفاتحة حتى رفع الإمام من الركوع فاتته الركعة كما مرت الإشارة إليه لأنه غير معذور، ولا تبطل صلاته إذا قلنا التخلف بركن لا يبطل، وقيل تبطل لأنه ترك متابعة الإمام فيما فاتت به ركعة، فهو كالتخلف بها. أما المتخلف على الشق الثاني من التفصيل، وهو ما إذا اشتغل بالافتتاح أو التعوذ ليقرأ قدر ما فاته، فقال الشيخان ك البغوي: هو معذور لالزامه بالقراءة، و المتولي ك القاضي حسين: غير معذور لاشتغاله بالسنة عن الفرض، أي فإن لم يدرك الإمام في الركوع فاتته الركعة كما قاله الغزالي كإمامه ولا يركع، لأنه لا يحسب له بل يتابعه في هويه للسجود كما جزم به في التحقيق. ولا ينافيه قول البغوي بعذره في التخلف لأن معناه أنه يعذر بمعنى أنه لا كراهة ولا بطلان لتخلفه قطعا، لا بمعنى أنه إن لم يدرك الإمام في الركوع لم تفته الركعة، اللهم إلا أن يريد أنه كبطئ القراءة فإنه لا تفوته الركعة إذا لم يدرك الإمام في الركوع. قال الفارقي:
وصورة التخلف للقراءة أن يظن أنه يدرك الإمام قبل سجوده وإلا فليتابعه قطعا ولا يقرأ، وذكر مثله الروياني في حليته والغزالي في إحيائه. ولكنه مخالف لنص الام على أن صورتها أن يظن أنه يدركه في ركوعه وإلا فليفارقه ويتم صلاته، نبه على ذلك الأذرعي، وهذا كما قال شيخي هو المعتمد، لكن لا تلزمه المفارقة إلا عند هويه للسجود لأنه يصير متخلفا بركنين، قال الأذرعي: وقضية التعليل بتقصيره بما ذكر أنه إذا ظن إدراكه في الركوع فأتى بالافتتاح والتعوذ فركع الإمام على خلاف العادة بأن اقتصر على الفاتحة وأعرض عن السنة التي قبلها والتي بعدها يركع معه وإن لم يكن قرأ من الفاتحة شيئا، ومقتضى إطلاق الشيخين وغيرهما أنه لا فراق اه‍. وهذا المقتضى كما قال شيخنا هو المعتمد لبقاء محل القراءة. ولا نسلم أن تقصيره بما ذكر منتف في ذلك، إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه. (ولا يشتغل المسبوق) ندبا (بسنة بعد التحرم) كدعاء افتتاح أو تعوذ، (بل) يشتغل (بالفاتحة) فقط، لأن الاهتمام بشأن الفرض أولى ويخفها حذرا من فواتها، (إلا أن يعلم) أي يظن (إدراكها) مع اشتغاله بالسنة كعادة الإمام فيأتي بها ثم يأتي بالفاتحة حيازة لفضيلتهما، فإن
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532