مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٢٠
من أنهما ليسا بنبيين، فلا يكره إفراد الصلاة والسلام عليهما كما يؤخذ من أذكار المصنف لأنهما يرتفعان عن حال من يقال فيه رضي الله عنه. ولا تكره الصلاة من الأنبياء والملائكة على غيرهما لأنهما حقهما فلهما الانعام بهما على غيرهما، وقد صح أنه (ص) قال: اللهم صل على آل أبي أوفى والسلام كالصلاة فيما ذكر لأنه تعالى قرن بينهما، لكن المخاطبة به مستحبة للاحياء والأموات من المسلمين ابتداء وواجبة جوابا كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى، وما يقع منه غيبة في المراسلات فمنزل منزلة ما يقع خطابا. ويسن الترضي والترحم على غير الأنبياء من الأخيار، قال في المجموع: وما قاله بعض العلماء من أن الترضي مختص بالصحابة والترحم بغيرهم ضعيف.
كتاب الصيام هو والصوم لغة الامساك، ومنه قوله تعالى حكاية عن مريم: * (إني نذرت للرحمن صوما) * أي إمساكا وسكوتا عن الكلام. وشرعا: إمساك عن المفطر على وجه مخصوص. والأصل في وجوبه قبل الاجماع مع ما يأتي آية: * (كتب عليكم الصيام) *، وخبر: بني الاسلام على خمس. وفرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة. وأركانه ثلاثة: صائم، ونية، وإمساك عن المفطرات. (يجب صوم رمضان) للأدلة السابقة. وهو معلوم من الدين بالضرورة، فمن جحد وجوبه فهو كافر إلا أن يكون قريب العهد بالاسلام، أو نشأ بعيدا عن العلماء. ومن ترك صومه غير جاحد من غير عذر كمرض وسفر، كأن قال الصوم واجب علي ولكن لا أصوم حبس ومنع الطعام والشراب نهارا ليحصل له صورة الصوم بذلك. سمي رمضان من الرمض، وهو شدة الحر، لأن العرب لما أرادت أن تضع أسماء الشهور وافق أن الشهر المذكور كان في شدة الحر فسمي بذلك كما سمي الربيعان لموافقتهما زمن الربيع. وما قيل من أنه سمي بذلك لأنه يرمض الذنوب، أي يحرقها، ضعيف لأن التسمية ثابتة قبل الشرع. قال ابن عبد السلام :
وهو أفضل الأشهر. وفي الحديث: رمضان سيد الشهور. ولا يكره قول رمضان بدون الشهر على الأصح في شرحي المهذب ومسلم، وما نقله أكثر الأصحاب من كراهته لحديث ورد فيه ضعفه البيهقي وغيره. وإنما يجب (بإكمال شعبان ثلاثين) يوما (أو رؤية الهلال) ليلة الثلاثين منه، لقوله (ص): صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين رواه البخاري. ويضاف إلى الرؤية وإكمال العدد ظن دخوله بالاجتهاد عند الاشتباه كما سيأتي في كلامه. والظاهر كما قال الأذرعي أن الامارة الظاهرة الدالة كرؤية القناديل المعلقة بالمناثر في آخر شعبان في حكم الرؤية. وأفهم كلامه أنه لا يجب بقول المنجم ولا يجوز، والمراد بآية: * (وبالنجم هم يهتدون) * الاهتداء إلى أدلة القبلة في السفر. ولكن له أن يعمل بحسابه كالصلاة، ولظاهر هذه الآية، وصححه في المجموع وقال إنه لا يجزئه عن فرضه. وصحح في الكفاية أنه إذا جاز أجزأه، ونقله عن الأصحاب، ورجحه الزركشي تبعا للسبكي، قال: وصرح به في الروضة فيما يأتي في الكلام على أن شرط النية الجزم، وهذا هو المعتمد. والحاسب: وهو من يعتمد منازل القمر وتقدير سيره في معنى المنجم وهو من يرى أن أول الشهر طلوع النجم الفلاني. ولا عبرة أيضا بقول من قال: أخبرني النبي (ص) في النوم بأن الليلة أول رمضان، فلا يصح الصوم به بالاجماع لفقد ضبط الرائي، لا للشك في الرؤية. وهل تثبت بالشهادة على الشهادة؟ طريقان، أصحهما القطع بثبوته كالزكاة، وقيل: لا، كالحدود. (وثبوت رؤيته) يحصل (بعدل) سواء كانت السماء مصحية أم لا، لأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رآه فأخبر رسول الله (ص) بذلك فصام وأمر الناس بصيامه، رواه أبو داود وصححه ابن حبان. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: جاء أعرابي إلى رسول الله (ص) فقال: إني رأيت هلال رمضان، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟
(٤٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532