مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٢٢
وصرح به القاضي شريح والروياني وغيرهما، وعبارة الروياني وصفة الشهادة على الهلال أن يقول رأيته في ناحية المغرب، ويذكر صغره وكبره وتدويره وتقديره، وأنه بحذاء الشمس أو في جانب منها، وأن ظهره إلى الجنوب أو الشمال، وأنه كان في السماء غيم أو لم يكن. وفائدة التنصيص على ذلك الاحتياط، حتى إذا رؤي في الليلة الثانية ولم يكن بهذه الصفات بأن كذب الشاهد لأن الهلال في الليلة الثانية لا يتحول عن صفاته التي طلع عليها بالأمس، وإن خالف في ذلك ابن أبي الدم، فقال: لا يجوز أن يقول: أشهد أني رأيت الهلال لأنها شهادة على فعل نفسه، بل طريقه أن يشهد بطلوع الهلال أو على أن الليلة من رمضان مثلا ونحو ذلك. ويدل للأول المعتمد قبول شهادة المرضعة إذا قالت: أشهد أني أرضعته على الأصح. واعلم أن رمضان قد يثبت بواحد وقد يثبت بأكثر وحينئذ فالأولى التعبير بتثبت كما في المحرر، ولا يأتي بالمبتدأ المشعر بالحصر، نبه على ذلك الأسنوي. (وإذا صمنا بعدل ولم نر الهلال بعد ثلاثين أفطرنا في الأصح) المنصوص (وإن كانت السماء مصحية) أي لا غيم فيها لكمال العدد بحجة شرعية. والثاني: لا، لأن الفطر يؤدي إلى ثبوت شوال بقول واحد وهو ممتنع. وأجاب الأول بأن الشئ قد يثبت ضمنا بما لا يثبت به مقصودا، ألا ترى أن النسب والميراث لا يثبتان بشهادة النساء ويثبتان ضمنا بالولادة كما مر؟ وقيل: إن كانت السماء مغيمة أفطرنا وإن كانت مصحية فلا لقوة الرؤية، ولو صمنا بعدل ثم رجع الشاهد في أثناء اليوم، فقيل: لا يلزم الصوم كرجوع الشاهد قبل الحكم، وقيل: يلزم لأن الشروع فيه كالحكم، قاله شريح في أدب القضاء. وهذا الثاني أقرب كما قاله الأذرعي. (وإذا رؤي ببلد لزم حكمه البلد القريب) منه قطعا، كبغداد والكوفة لأنهما كبلد واحدة كما في حاضري المسجد الحرام.
(دون البعيد في الأصح) كالحجاز والعراق. والثاني: يلزم في البعيد أيضا. (والبعيد مسافة القصر) وصححه المصنف في شرح مسلم لأن الشرع علق بها كثيرا من الأحكام. (وقيل باختلاف المطالع. قلت: هذا أصح، والله أعلم) لأن أمر الهلال لا تعلق له بمسافة القصر، ولما روى مسلم عن كريب قال: رأيت الهلال بالشام ثم قدمت المدينة فقال ابن عباس:
متى رأيتم الهلال؟ قلت: ليلة الجمعة، قال: أنت رأيته؟ قلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل العدة، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله (ص). وقياسا على طلوع الفجر والشمس وغروبهما. قال الشيخ تاج الدين التبريزي: واختلاف المطالع لا يكون في أقل من أربعة وعشرين فرسخا. فإن قيل: اعتبار اتحاد المطالع واختلافها يتعلق بالمنجم والحاسب، وقد تقدم أنه لا يعتبر قولهما في إثبات رمضان. أجيب بأنه لا يلزم من عدم اعتباره في الأصول والأمور العامة عدم اعتباره في التوابع والأمور الخاصة، فإن شك في الاتفاق في المطلع لم يجب على الذين لم يروا الصوم لأن الأصل عدم وجوبه لأنه إنما يجب بالرؤية ولم تثبت في حق هؤلاء لعدم ثبوت قربهم من بلد الرؤية. قال السبكي: وقد تختلف المطالع وتكون الرؤية في أحد البلدين مستلزمة للرؤية في الآخر من غير عكس، وذلك أن الليل يدخل في البلاد الشرقية قبل دخوله في البلاد الغربية، فمتى اتحد المطلع لزم من رؤيته في أحدهما رؤيته في الآخر، ومتى اختلف لزم من رؤيته في الشرقي رؤيته في الغربي ولا ينعكس، وعلى ذلك حديث كريب فإن الشام غربية بالنسبة إلى المدينة، فلا يلزم من رؤيته في الشام رؤيته فيها. (وإذا لم نوجب على) أهل (البلد الآخر) وهو البعيد، (فسافر إليه من بلد الرؤية) من صام به، (فالأصح أنه يوافقهم) وجوبا (في الصوم آخرا) وإن كان قد أتم ثلاثين، لأنه بالانتقال إلى بلدهم صار واحدا منهم فيلزمه حكمهم. وروي أن ابن عباس أمر كريبا بذلك. والثاني: يفطر، لأنه لزمه حكم البلد الأول فيستمر
(٤٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532