مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٦٨
كيف يقصر إذا كان الغرض النزهة مع قولهم: إنه إذا سافر لمجرد رؤية البلاد أنه لا يقصر؟ أجيب بأن التنزه هنا ليس هو الحامل على السفر، بل الحامل عليه غرض صحيح كسفر التجارة، لكنه سلك أبعد الطريقين للتنزه فيه، بخلاف مجرد رؤية البلاد فإنه الحامل على السفر حتى لو لم يكن هو الحامل عليه كان كالتنزه هنا، أو كان التنزه هو الحامل عليه كان كمجرد رؤية البلاد في تلك. وخرج بقوله: طويل وقصير ما لو كانا طويلين فسلك الأطول ولو لغرض القصر فقط قصر فيه جزما. (ولو تبع العبد أو الزوجة أو الجندي مالك أمره) أي السيد أو الزوج أو الأمير (في السفر ولا يعرف) كل واحد منهم (مقصده فلا قصر) لهم لأن الشرط لم يتحقق، وهذا قبل بلوغهم مسافة القصر، فإن قطعوها قصروا كما مر في الأسير وإن لم يقصر المتبوعون لتيقن طول سفرهم، ولا ينافي ذلك ما مر من أن طالب الغريم ونحوه إذا لم يعرف مكانه لا يقصر وإن طال سفره، لأن المسافة هنا معلومة في الجملة، إذ المتبوع يعلمها بخلافها ثم.
وإن عرفوا أن مقصده مرحلتان وقصدوه قصروا. (فلو نووا مسافة القصر) وحدهم دون متبوعهم أو جهلوا حاله (قصر الجندي) أي غير المثبت في الديوان (دونهما) لأنه حينئذ ليس تحت يد الأمير وقهره بخلافهما فنيتهما كالعدم. أما المثبت في الديوان فهو مثلهما، لأنه مقهور وتحت يد الأمير، ومثله الجيش، إذ لو قيل بأنه ليس تحت قهر الأمير كالآحاد لعظم الفساد.
تنبيه: قول المصنف: مالك أمره لا ينافيه التعليل المذكور في الجندي غير المثبت، لأن الأمير المالك لا يبالي بانفراده عنه ومخالفته له بخلاف مخالفة الجيش أي المثبت في الديوان إذ يختل بها نظامه. (ومن قصد سفرا طويلا فسار ثم نوى) وهو مستقل ماكث، (رجوعا) عن مقصده إلى وطنه أو غيره للإقامة، (انقطع) سفره سواء أرجع أم لا، لأن النية التي استفاد بها الترخص قد انقطعت وانتهى سفره فلا يقصر ما دام في ذلك المنزل كما جزموا به، لكن مفهوم كلام الحاوي الصغير ومن تبعه أنه يقصر وهو خلاف المنقول ولا يقضي ما قصره أو جمعه قبل هذه النية وإن قصرت المسافة قبلها. (فإن سار) إلى مقصده الأول أو غيره (فسفر جديد) فإن كان طويلا قصر بعد مفارقة ما تشترط مفارقته وإلا فلا، وكنية الرجوع في ذلك التردد فيه، نقله في المجموع عن البغوي وأقره. أما لو رجع لحاجة ففيه تفصيل تقدم، أو وهو سائر فلا أثر لنيته كما مر. وثالث الشروط أن يكون السفر جائزا فلا قصر وغيره كما قال: (ولا يترخص العاصي بسفره كآبق) من سيده (وناشزة) من زوجها وقاطع الطريق، لأن مشروعية الترخص للإعانة والعاصي لا يعان. وألحق بذلك من يتعب نفسه أو يعذب دابته بالركض بلا غرض، فإن ذلك لا يحل كما حكياه عن الصيدلاني وأقراه وإن قال في الذخائر إن ظاهر كلام الأصحاب يدل على إباحته. قال في المجموع: والعاصي بسفره يلزمه التيمم عند فقد الماء لحرمة الوقت والإعادة لتقصيره بترك التوبة. واحترز بقوله: بسفره عن العاصي في سفره بأن يكون السفر مباحا ويعصي في سفره فيترخص لأن السفر مباح. (فلو أنشأ) سفرا طويلا (مباحا ثم جعله معصية) كالسفر لاخذ مكس أو للزنا بامرأة، (فلا ترخص) له (في الأصح) من حين الجعل، كما لو أنشأ السفر بهذه النية. والثاني: يترخص اكتفاء بكون السفر مباحا في ابتدائه ولو تاب ترخص جزما كما قاله الرافعي في باب اللقطة، أي بشرط أن يكون سفره من حين التوبة مسافة القصر كما يؤخذ من كلام شيخنا في شرح منهجه وإن خالفه في ذلك بعض المتأخرين معللا بأن أوله وآخره مباحان. (ولو أنشأه عاصيا) به (ثم تاب فمنشئ) بضم الميم وكسر الشين، (للسفر من حين التوبة) فإن كان بينه وبين مقصده مسافة القصر قصر وإلا فلا. نعم العاصي بسفره يوم الجمعة بترك الجمعة لا يجوز له الترخص ما لم تفت الجمعة، ومن وقت فواتها يكون ابتداء
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532